القول بأن المسيح ابن الله هو من عندهم وروايتهم ، فيوحنا يقول فى إنجيله (٣ / ١٦) : «أن الله أرسل الله الوحيد لخلاص المؤمنين». ومضمون الأناجيل كما يقول بولس : «أن المسيح مات لأجل خطايا البشر». فشتّان بين رسالة القرآن : أن الله واحد لا إله إلا هو ، ورسالة الأناجيل : وكلها تدعو للمسيح وليس لله ، ولذلك يقال أحيانا «إنجيل المسيح» ، وأحيانا يقال : «إنجيل السلام» ، وأحيانا يسمونه «إنجيل مخلّصنا» ، وأحيانا «إنجيل مجد المسيح» ، و «إنجيل الملكوت أو بشارة الملكوت» ، وهذه الأسماء جميعا من عندهم ، وليست من عند الله. ومقالة القرآن : (وَأَنْزَلَ التَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ (٣) مِنْ قَبْلُ هُدىً لِلنَّاسِ) (آل عمران) ، (وَآتَيْناهُ الْإِنْجِيلَ فِيهِ هُدىً وَنُورٌ) (المائدة ٤٦) تعنى أنه تعالى أذن للمسيح أن يبشر الناس بملكوت السماء ، وأن بشارته هدى لهم ورحمة ، فما زاد عن ذلك فى الأناجيل فهو من وضع مؤلفيها ، ومنه قولهم أنه ابن الله ، وعلينا إذن أن لا نقول إننا نؤمن بالإنجيل كما هو الآن ، ولكن إيماننا به أو بها ، أى بتعاليم المسيح فيها ، بما لا يخالف روح الدعوة فى القرآن ، ونستطيع بالتأكيد أن نستخلص تعاليم المسيح من الأناجيل ، فكل قول حق ينسب إليه نحن نؤمن به ، ولا تعارض بين الأديان فيما يخص الله تعالى طالما هى تدعو إليه ولا تشرك به فيما تورده عنه.
* * *
٩٣٥. نماذج من أقوال المسيح مما يصلح أن يكون إنجيلا
«اذهب يا شيطان ، فإنه قد كتب للربّ إلهك تسجد ، وإياه وحده تعبد». (متى ٤ / ١٠). (وهذا توحيد صريح).
«طوبى للمساكين بالروح فإن لهم ملكوت السماوات. وطوبى للودعاء فإنهم يرثون الأرض. طوبى للحزانى فإنهم يعزّون. طوبى للجياع والعطاش إلى البرّ فإنهم يشبعون. طوبى للرحماء فإنهم يرحمون. طوبى لأتقياء القلوب فإنهم يعاينون الله. طوبى لفاعلى السلام فإنهم بنى الله يدعون. طوبى للمضطهدين من أجل البرّ فإن لهم ملكوت السماوات. طوبى لكم إذا عيّروكم واضطهدوكم وقالوا عليكم كل كلمة سوء من أجلى كاذبين. افرحوا وابتهجوا فإن أجركم عظيم فى السموات ، لأنهم هكذا اضطهدوا الأنبياء من قبلكم». (متى ٥ / ٢ ـ ١٢). (وهذا إقرار بأن عيسى مجرد نبىّ كالأنبياء).
«قد سمعتم أنه قيل للأولين لا تقتل فإن من قتل يستوجب الدينونة ، أما أنا فأقول لكم إن كل من غضب على أخيه يستوجب الدينونة» (متى ٥ / ٢١ ـ ٢٢). (وهذا إقرار بالآخرة والبعث والحساب).
«قد سمعتم أنه قيل للأولين لا تزن ، أما أنا فأقول لكم إن كل من نظر إلى امرأة لكى