يشتهيها فقد زنى بها فى قلبه ، فإن شكّكتك عينك اليمنى فاقلعها وألقها عنك ، فإنه خير لك أن يهلك أحد أعضائك ولا يلقى جسدك كله فى جهنم» (متّى ٥ / ٢٧ ـ ٢٩) (وهذا تشريع).
«قد سمعتم أنه قيل : أحبب قريبك ، وأبغض عدوك. أما أنا فأقول لكم أحبوا أعداءكم وأحسنوا إلى من يبغضكم ، وصلّوا لأجل من يعنتكم ويضطهدكم». (متّى ٥ / ٤٣ ـ ٤٤). (وهذا كلام فى الأخلاق والتربية وسياسة الاجتماع).
«لا تدينوا لئلا تدانوا ، فإنكم بالدينونة التى بها تدينون تدانون ، وبالكيل الذى به تكيلون يكال لكم. ما بالك تنظر القذى فى عين أخيك ولا تفطن للخشبة التى فى عينك ...؟ اسألوا فتعطوا. أطلبوا فتجدوا. اقرعوا فيفتح لكم ، لأن كل من يسأل يعطى ، ومن يطلب يجد ، ومن يقرع يفتح له. أى إنسان منكم يسأله ابنه خبزا فيعطيه حجرا؟ أو إن سأله سمكة يعطيه حية؟». (متّى ٧ / ١ ـ ١٠). (وهذا كلام فى الاجتماع الإنسانى).
* * *
٩٣٦. قصة أصحاب الأخدود
تناولتها سورة البروج ، تقول : (قُتِلَ أَصْحابُ الْأُخْدُودِ (٤) النَّارِ ذاتِ الْوَقُودِ (٥) إِذْ هُمْ عَلَيْها قُعُودٌ (٦) وَهُمْ عَلى ما يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ (٧) وَما نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ (٨) الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (٩) إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذابُ الْحَرِيقِ (١٠) إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ ذلِكَ الْفَوْزُ الْكَبِيرُ) (١١). والسورة مكية ، وتحكى عن فئة من نصارى نجران قيل : كانوا يؤمنون بأن للمسيح طبيعة واحدة ، وهى طبيعة بشرية ، يعنى أنه كان نبيا ولم يكن ابن الله كما يزعم أغلب النصارى ، ولذلك نوّه بهم القرآن ، وأثنى عليهم ووصفهم بأنهم مؤمنون. وقيل إن أصحاب الأخدود هم ملك حمير وأتباعه ، وهو الملقب بذى نواس ، فقد كانت له غدائر من الشّعر تنوس ، أى تهتز كلما اهتز ، فسمى ذا نواس ، واسمه الحقيقى زرعة بن تبّان بن أسعد الحميرى ، وكان على الوثنية ، فتهوّد وأسمى نفسه يوسف بن ذى نواس بن تبّع الحميرى ، ودعا النصارى أن يتهوّدوا ، فمن أبى منهم اضطهده وعذّبه. وقيل : إن نصارى نجران كانوا نيفا وثمانين فردا بين رجل وامرأة ، وقيل سبعون أو ثمانون ألفا ، وهذا خطأ ، لأن الأخدود الذى حفر لتعذيبهم ما كان يمكن أن يستوعب سبعين أو ثمانين ألفا!! ثم لما ذا يحرق ذو نواس اليهودى هؤلاء النصارى واليهود لا يدعون الآخرين لاعتناق ديانتهم؟ والغالب أن الذى أعمل فيهم