(١١٣) (البقرة) نسبة إلى «الناصرة» ، وهى إحدى مدن فلسطين من إقليم الجليل ، أى فى الجزء الشمالى من فلسطين ، وتقوم على جبل مرتفع ، ويرى منها جبل الشيخ والكرمل ، وذكرت فى كتب العهد الجديد تسعا وعشرين مرة ، وهى مسقط رأس مريم وزوجها يوسف النجّار ، وفى الناصرة كانت بشارة مريم بالمسيح (لوقا ١ / ٢٦) ، وعادت إليها مريم مع يوسف من مصر (متى ٢ / ٢٣). والناصرة اسم سريانى وليس عبرانيا ، وموجود فى العربية ، وهى التى تنصر ، أو المنصورة ، وفى الناصرة نشأ المسيح وترعرع (لوقا / ١٦ ٤) ، وأمضى الجزء الأكبر من حياته ، وكان يكبر بين أهلها كما يقول لوقا : بالحكمة والسن والنعمة (لوقا ٢ / ٥٢) ، ولكنه ما أن بدأ رسالته حتى رفضه أهلها مرتين (متى ٤ / ١٣ ، ١٣ / ٥٤ ـ ٥٨ ؛ ولوقا ٤ / ٢٨ ـ ٣١ ؛ ومرقس ٦ / ١ ـ ٦). وفى الناصرة كانت العين التى كانت مريم تتردد عليها ، والموضع الذى فيه أتتها البشارة ، ويسمى اليوم كنيسة البشارة ، وبالقرب منها على حافة الجبل المطل على مرج بنى عامر وقرب الكنيسة الرومانية ، الموضع الذى عنده أراد يهود الناصرة أن يلقوا منه هذا «الناصرى» ، فهكذا دعاه بطرس (أعمال ٢ / ٢٢) ، وبولس (أعمال ٢٦ / ٩) ، والمسيح نفسه سمّى نفسه : الناصرى ، والنسبة تعود إلى مدينة الناصرةnazareth ، ومن ثم كان أنصاره هم النصارى nazarines. واسم النصرانى تصحيف عربى للناصرى ، والأنثى يقال لها نصرانية ، وفى الحديث : «فأبواه يهوّدانه أو ينصّرانه» أخرجه البخارى ، وقال صلىاللهعليهوسلم : «لا يسمع بى أحد من هذه الأمة : يهودى ولا نصرانى ، ثم لم يؤمن بالذى أرسلت به ، إلا كان من أصحاب النار» أخرجه مسلم. وكان الأحرى أن يكون الجمع «النصرانيين». ويسمى ابن عباس الناصرة التى ينسب إليها المسيح والنصارى باسم قرية نصران ؛ وقيل هم سمّوا نصارى لأنهم نصروا بعضهم البعض ، وكأن الأنصار فى المدينة سموا أنصارا لمناصرتهم أيضا للنبىّ صلىاللهعليهوسلم. وقيل ربما كان اسم الأنصار للآية : (قالَ الْحَوارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصارُ اللهِ) (آل عمران ٥٢) ، فهؤلاء أنصاره ، وصحّف الاسم إلى النصارى ، والشاعر يقول :
لمّا رأيت نبطا أنصارا |
|
شمّرت عن ركبتى الإزارا |
كنت لهم من النصارى جارا |
* * *
٩٣٠. رحلة المسيح وأمه إلى مصر فى القرآن
فى إنجيل متى : أن هيرودس دعا المجوس ليعلم أين ولد الصبى الذى سيكبر ليخلّص شعبه ، فذكروا أنه فى بيت لحم ، فأرسلهم ليبحثوا عنه ، ورأى يوسف زوج مريم ، أن عليه