فذلك إذن ما كان من اجتهاد البعض فيما كان من حياة ذى الكفل ، ومن تقواه ، وما كان من تفسيرات تحدث بها البعض فى حقيقة اسمه ، وقد يكون بعضها صحيحا وبعضها كاذبا ، فرجحنا ما يستحق الترجيح وأنكرنا ما يستأهل الإنكار عليه. والله المستعان.
* * *
٨٩٢. يونس ، ذو النون ، صاحب الحوت : فى التوراة وفى القرآن
يقول القرآن فى يونس Jonah ضمن سلسلة الأنبياء : (إِنَّا أَوْحَيْنا إِلَيْكَ كَما أَوْحَيْنا إِلى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنا إِلى إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْباطِ وَعِيسى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهارُونَ وَسُلَيْمانَ وَآتَيْنا داوُدَ زَبُوراً) (١٦٣) (النساء) ، وقوله : (إِنَّا أَوْحَيْنا إِلَيْكَ كَما أَوْحَيْنا إِلى نُوحٍ) متصل بقوله تعالى : (يَسْئَلُكَ أَهْلُ الْكِتابِ أَنْ تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتاباً مِنَ السَّماءِ) (النساء ١٥٣) ، والخطاب للنبىّ صلىاللهعليهوسلم فأعلم أن أمره صلىاللهعليهوسلم كأمر من تقدم من الرسل. والآية ـ كما قال ابن عباس : نزلت فى قوم من اليهود ، منهم سكين وعدىّ بن زيد ، قالوا للنبىّ صلىاللهعليهوسلم : ما أوحى الله إلى أحد من بعد موسى! فكذّبهم الله. والوحى : هو الإشارة والكتابة والرسالة والإلهام والكلام يكون خفيا ويلقى إلى الغير ، وهو إعلام فى خفاء ، يقال وحى وحيا ، وأوحى إيحاء ، وقدّم الله نوحا لأنه أول نبىّ شرعت على لسانه الشرائع ، وقيل كان أول نبى إدريس الذى هو أخنوخ فى التوراة ؛ ثم كان نوح وسام ابنه ؛ ثم لوط وإبراهيم عمّه ؛ ثم أولاد إبراهيم : إسماعيل ، وإسحاق ، ويعقوب الذى هو إسرائيل ؛ ثم هود ؛ ثم صالح ؛ ثم موسى وهارون ، ثم أيوب ؛ ثم الخضر ؛ ثم داود ؛ ثم سليمان ثم يونس ؛ ثم إلياس ، ثم اليسع ، وذو الكفل الذى هو عوبديا. وكل نبىّ ذكر فى القرآن من ولد إبراهيم ، غير إدريس ، ونوح ، ولوط ، وهود ، وصالح.
وفى القرآن عن إبراهيم : (وَوَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ كُلًّا هَدَيْنا وَنُوحاً هَدَيْنا مِنْ قَبْلُ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ داوُدَ وَسُلَيْمانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسى وَهارُونَ وَكَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (٨٤) وَزَكَرِيَّا وَيَحْيى وَعِيسى وَإِلْياسَ كُلٌّ مِنَ الصَّالِحِينَ (٨٥) وَإِسْماعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطاً وَكلًّا فَضَّلْنا عَلَى الْعالَمِينَ) (٨٦) (الأنعام) ، فكل هؤلاء من ذرية إبراهيم إلا نوحا ولوطا ، فنوح قبله ، ولوط ابن أخيه ، وإن كان ابن الأخ يعتبر من الذرية ، وكذلك عيسى ، فرغم أن الولادة لم تلحقه من جهة الأب ، لأنه ابن بنت ، فإن شأنه كشأن أولاد فاطمة بنت الرسول صلىاللهعليهوسلم ، فهم ذريته ، ولهذا يدخل أولاد البنت فى اسم الولد ما تناسلوا. فكذلك يونس كان من ذرية إبراهيم ، ويقرأ بضم النون ، ويقرأه البعض بكسر النون مثل يوسف ، من آنس