وَسُلَيْمانَ عِلْماً) (النمل ١٥) ؛ والرابع : القوة ، فقال : (وَاذْكُرْ عَبْدَنا داوُدَ ذَا الْأَيْدِ) (ص ١٧) ؛ والخامس : تسخير الجبال والناس ، قال : (يا جِبالُ أَوِّبِي مَعَهُ) (سبأ ١٠) ، والسادس : التوبة ، قال : (فَغَفَرْنا لَهُ ذلِكَ وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنا لَزُلْفى وَحُسْنَ مَآبٍ) (٢٥) (ص) ؛ والسابع : الحكم بالعدل ، قال : (يا داوُدُ إِنَّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِ) (ص ٢٦) ؛ والثامن : إلانة الحديد ، قال : (وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ) (١٠) (سبأ) ؛ والتاسع : حسن الصوت ، فقال : (يا جِبالُ أَوِّبِي مَعَهُ) (سبأ ١٠) ، ويشبّه النبىّ صلىاللهعليهوسلم تلاوة أبى موسى الأشعرى وحسن صوته بما كان عند داود فقال له : «لقد أوتيت مزمارا من مزامير داود» ، والمزمار حسن الصوت ، وبه سميت آله الزمر. وقال تعالى : (سَخَّرْنَا الْجِبالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْراقِ) (١٨) (ص) ، وتسبيحها ترديدها لتراتيله. وأهل الحكمة على القول بالاقتداء بداود وأن نتعلم الصنائع ، فالتحرّف لا ينقص من المناصب ، وهو زيادة فى الفضل ، ويحدث التواضع ، والاستغناء عن الغير وكسب الحلال تعبير عن الامتنان ، وفى الحديث : «إن خير ما أكل المرء من عمل يده ، وإن نبىّ الله داود كان يأكل من عمل يده». ورغم كل هذه الفضائل لداود ، فقد كان سليمان أعلم منه وأكثر حكمة ، يعنى أكثر إصابة فى اجتهاداته وأحكامه. وفى القرآن قضية الأغنام التى نفشت فى الحرث بالليل ، فحكم داود بأن تدفع الغنم إلى صاحب الحرث ، والحرث إلى صاحب الغنم ، فلما خرج الخصمان على سليمان وكان يجلس على الباب قالا له : قضى بالغنم لصاحب الحرث. فتوجه سليمان إلى أبيه وقال له : يا نبى الله ، رأيت ما هو أرفق بالجميع ، فادفع الغنم إلى صاحب الحرث فينتفع بألبانها وأصوافها ، وادفع الحرث إلى صاحب الغنم ليقوم عليه ، فإذا عاد الزرع إلى حاله فى السنة المقبلة ، يردّ كل واحد منهما ماله إلى صاحبه ، وسرّ داود لتساوى القيمتين ، فذلك قوله تعالى : (فَفَهَّمْناها سُلَيْمانَ وَكُلًّا آتَيْنا حُكْماً وَعِلْماً) (الأنبياء ٧٩). فانظر يا أخى إلى عظمة قصة القرآن عن داود ، وعباراتها التى كلها حكم ، والدروس المستفادة منها ، وانظر إلى قصة داود كما تعرضها التوراة ، وينصرف اهتمامها إلى التفاصيل ، شأن الروايات المكذوبة ، فكلما زادت التفاصيل فاعلم أن الراوى يريد أن يثبت الكذبة بكذبة أكبر منها وهكذا. (انظر أيضا قصص جالوت ، وطالوت ، وسليمان).
* * *
٨٧٣. قصة داود وأوريا الحثى
تأتى هذه القصة فى القرآن من الأدب الرمزى ، يقول تعالى : (وَهَلْ أَتاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرابَ (٢١) إِذْ دَخَلُوا عَلى داوُدَ فَفَزِعَ مِنْهُمْ قالُوا لا تَخَفْ خَصْمانِ بَغى بَعْضُنا عَلى