يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُمْ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ وَرِضْوانٍ وَجَنَّاتٍ لَهُمْ فِيها نَعِيمٌ مُقِيمٌ»» (١).
وتبشير الله يكون عن طريق كتابه المنزل على لسان نبيه المرسل ، وعلى لسان الملائكة عند الموت. وبرحمة منه : أي برحمة عظيمة خاصة من لدنه سبحانه ، والرضوان : نوع من الرضا التام الكامل الذي لا يشوبه سوء ولا يعقبه سخط ، وكذلك يقول الله تعالى في سورة آل عمران :
«وَما جَعَلَهُ اللهُ إِلَّا بُشْرى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ» (٢).
جعل الله تعالى وعده للمؤمنين بالنصر تطمئن به قلوبهم ، وكان المؤمنون يوم بدر في قلة وذلة من الضعف والحاجة ، فلم يكن لهم اعتماد الا على الله تعالى ، وما وهبهم من قوة في أبدانهم ونفوسهم ، وما أمرهم به من الثبات والذكر ، اذ قال : «اذا لقيتم فئة فاثبتوا واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون» فبذلوا كل قواهم وامتثلوا أمره ، واستبشروا بوعده ، ولم يكن في نفوسهم استشراف الى شيء غير نصر الله واقامة دينه والذود عن نبيه عليه الصلاة والسّلام ، لا في أول القتال ولا في أثنائه ، فكانت أرواحهم بهذا الايمان وهذا الصفاء قد علت وارتفعت وارتقت ، حتى استعدت لقبول الالهام من أرواح الملائكة ، والتقوى بنوع ما من الاتصال بها.
ويقول الله تعالى في سورة آل عمران :
__________________
(١) سورة التوبة ، الآية ٢٠ و ٢١.
(٢) سورة آل عمران ، الآية ١٢٦.