بشر تام له عقل يتفكر في مصالحه ، وقلب يحب ما يلائمه ويسر به ، ويكره ما
لا يلائمه وينفر منه ، فليس من العدل أن يتحكم أحد الصنفين بالآخر ، ويتخذه عبدا
يستذله ويستخدمه في مصالحه ، ولا سيما بعد عقد الزوجية ، والدخول في الحياة
المشتركة التي لا تكون سعيدة الا باحترام كل من الزوجين الآخر والقيام بحقوقه.
ويقول القرآن
بعد ذلك في سورة البقرة :
«فَإِمْساكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ
بِإِحْسانٍ».
وهذا حث على
حسن المعاشرة للزوجة حتى في حالة الطلاق ، فكأن الآية تقول للرجال : ان الواجب
عليكم في حالة الطلاق اما ابقاء الزوجة في الحياة الزوجية ، مع المعاشرة الطيبة
الحسنة ، المعروفة عند العقلاء ، واما فراقها بالطلاق الاخير ، مع الاحسان اليها
أيضا في المعاملة ، باعطائها كل حقوقها وتمتيعها بمال لائق.
ويعود القرآن
في السورة نفسها ليقول :
«وَإِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ
فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ
بِمَعْرُوفٍ ، وَلا تُمْسِكُوهُنَّ ضِراراً لِتَعْتَدُوا ، وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ
فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ».
أي اذا قاربن
انقضاء العدة فعلى الزوج اما أن يستبقي زوجته على الوجه الفاضل الذي أراده الله
تعالى ، من القيام بما يجب لها من النفقة
__________________
سورة البقرة ، الآية ٢٣١.