وكثرة عبوس الوجه وتقطيبه عند اللقاء ، كل ذلك ينافي العشرة بالمعروف.
وتتحقق هذه الفضيلة من الزوج بأن يكون حسن الخلق معها ، ويحتمل الأذى منها ، ويحلم عليها عند غضبها ، فقد قال الرسول صلىاللهعليهوسلم : «اتقوا الله في النساء». وأن يضيف الى اللين والحلم واحتمال الأذى ، المداعبة الجميلة والمزاح المحبوب. ولقد كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم أرحم الناس بنسائه وألطفهم معهن ، وقال : «أكمل المؤمنين ايمانا أحسنهم خلقا وألطفهم بأهله». وقال : «خيركم خيركم لنسائه ، وأنا خيركم لنسائي». وقال عمر رضي الله عنه : ينبغي للرجل أن يكون في أهله مثل الصبي ، فاذا التمسوا ما عنده وجدوه رجلا. وروى بعض السلف ان مصاحبة المرأة بالحسنى يدخل فيها أن يتزين الرجل للمرأة بما يليق به من الزينة ، لانها تتزين له.
ويقول القرآن في سورة البقرة :
«وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ»(١).
وهذه العبارة القرآنية البليغة ـ كما جاء في تفسير المنار ـ تعطي الرجل ميزانا يزن به معاملته لزوجته في جميع الشؤون والأحوال ، فاذا هم أن يطالبها بأمر من الامور ، يتذكر أنه يجب عليه مثله بازائه ، ولهذا قال عبد الله بن عباس رضي الله تعالى عنهما : «انني لأتزين لامرأتي كما تتزين لي» ، وليس المراد بالمثل تماثل أعيان الاشياء وأشخاصها ، وانما المراد ان الحقوق بينهما متبادلة ، وأنهما أكفاء ، فما من عمل تعمله المرأة للرجل الا وللرجل عمل يقابله لها. ان لم يكن مثله في شخصه ، فهو مثله في جنسه ، فهما متماثلان في الحقوق والاعمال ، كما أنهما متماثلان في الذات والاحساس والشعور والعقل ، أي أن كلا منهما
__________________
(١) سورة البقرة ، الآية ٢٢٨.