بشر تام له عقل يتفكر في مصالحه ، وقلب يحب ما يلائمه ويسر به ، ويكره ما لا يلائمه وينفر منه ، فليس من العدل أن يتحكم أحد الصنفين بالآخر ، ويتخذه عبدا يستذله ويستخدمه في مصالحه ، ولا سيما بعد عقد الزوجية ، والدخول في الحياة المشتركة التي لا تكون سعيدة الا باحترام كل من الزوجين الآخر والقيام بحقوقه.
ويقول القرآن بعد ذلك في سورة البقرة :
«فَإِمْساكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسانٍ»(١).
وهذا حث على حسن المعاشرة للزوجة حتى في حالة الطلاق ، فكأن الآية تقول للرجال : ان الواجب عليكم في حالة الطلاق اما ابقاء الزوجة في الحياة الزوجية ، مع المعاشرة الطيبة الحسنة ، المعروفة عند العقلاء ، واما فراقها بالطلاق الاخير ، مع الاحسان اليها أيضا في المعاملة ، باعطائها كل حقوقها وتمتيعها بمال لائق.
ويعود القرآن في السورة نفسها ليقول :
«وَإِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ ، وَلا تُمْسِكُوهُنَّ ضِراراً لِتَعْتَدُوا ، وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ»(٢).
أي اذا قاربن انقضاء العدة فعلى الزوج اما أن يستبقي زوجته على الوجه الفاضل الذي أراده الله تعالى ، من القيام بما يجب لها من النفقة
__________________
سورة البقرة ، الآية ٢٢٩.
سورة البقرة ، الآية ٢٣١.