ارْتَضى وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ»(١).
ويؤكد القرآن المجيد أن الخشية هي طريق الرضى والرضوان فيقول في سورة البينة :
«إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ ، جَزاؤُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ»(٢).
أثر هذا الجزاء الحسن ، وهذا الرضى العظيم ، وهذا الرضوان الكبير ، انما يكون لمن كان له قلب عامر بالخشية لله عزوجل.
وللامام محمد عبده عبارة حول هذا النص الكريم : «ذلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ» يقول فيها : (٣) «أراد بهذه الكلمة الرفيعة الاحتياط لدفع سوء الفهم الذي وقع ، ولا يزال يقع فيه العامة من الناس ، بل الخاصة كذلك ، وهو أن مجرد الاعتقاد بالوراثة ، وتقليد الأبوين ، ومعرفة ظواهر بعض الاحكام ، وأداء بعض العبارات كحركات الصلاة وامساك الصوم ... مجرد هذا يكفي في نيل ما أعد الله من الجزاء للذين آمنوا وعملوا الصالحات ، وان كانت قلوبهم حشوها الحسد والحقد والكبرياء والرياء ، وأفواههم ملؤها الكذب والنميمة والافتراء ، وتهز أعطافهم رياح العجب والخيلاء ، وسرائرهم مسكن العبودية والرق للامراء ، بل ولمن دون الامراء ، خالية
__________________
(١) سورة الانبياء ، الآية ٢٨.
(٢) سورة البينة ، الآيتان ٧ و ٨.
(٣) تفسير جزء عم ، ص ١٠٥ طبعة دار الشعب.