أي لا تهابوا الكافرين أو المجرمين ، لأن المستحق للخشية منه هو الله جل جلاله ، لأنه أهل التقوى وأهل المغفرة ، ولانه القادر المسيطر ، ولانه الذي يفي بما وعدكم أيها الابرار من ثواب ، وهو القادر على تنفيذ ما أوعد به المجرمين من عقاب ، وهو لا يخلف الميعاد.
* * *
ومن جلال التصوير القرآني لمكانة فضيلة الخشية أن الله تعالى أنزل القرآن تذكرة لأهل هذه الفضيلة ، فكأنهم هم الذين ينتفعون بالقرآن ويستفيدون منه ، وكأنه قد جاء لهم ومن أجلهم ولفتح أبواب الخير أمامهم ، يقول القرآن في فاتحة سورة طه : «طه ، ما أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقى ، إِلَّا تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشى». ولذلك جاءت خشية الله في طليعة الصفات التي يتحلى بها السابقون الى الخير والبر ، والفائزون بعظيم الثواب والاجر ، فيقول القرآن في سورة (المؤمنون) :
«إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ ، وَالَّذِينَ هُمْ بِآياتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ ، وَالَّذِينَ هُمْ بِرَبِّهِمْ لا يُشْرِكُونَ ، وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ ما آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلى رَبِّهِمْ راجِعُونَ ، أُولئِكَ يُسارِعُونَ فِي الْخَيْراتِ وَهُمْ لَها سابِقُونَ»(١).
ومن هنا حسن في حديث القرآن أن يجعل الخشية من صفة الملائكة ، وهم عباد الله المكرمون ، فيقول عنهم في سورة الانبياء :
«يَعْلَمُ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ وَلا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ
__________________
سورة المؤمنون ، الآيات ٥٧ ـ ٦١.