ماله عن قوته وقوت عياله وحاجته ما يطعم أو يكسو أو يعتق فإنه يصوم ثلاثة أيام ، وقال بعضهم : إذا ملك ما يمكنه الإطعام وإن لم يفضل عن كفايته فليس له الصيام ، وهو قول الحسن وسعيد بن جبير ، واختلفوا في وجوب التتابع [في هذا الصوم ، فذهب جماعة إلى أنه لا يجب فيه التتابع](١) ، بل إن شاء تابع وإن شاء فرّق ، والتتابع أفضل وهو أحد قولي الشافعي ، وذهب قوم إلى أنه يجب فيه التتابع قياسا على كفارة القتل والظهار ، وهو قول الثوري وأبي حنيفة ، ويدلّ عليه قراءة ابن مسعود رضي الله عنه : «صيام ثلاثة أيام متتابعات». (ذلِكَ) ، أي : ذلك الذي ذكرت ، (كَفَّارَةُ أَيْمانِكُمْ إِذا حَلَفْتُمْ) ، وحنثتم ، فإن الكفارة لا تجب إلا بعد الحنث ، واختلفوا في تقديم الكفارة على الحنث ، فذهب قوم إلى جوازه.
[٨٢٢] لما روينا أنّ النبيّ صلىاللهعليهوسلم قال : «من حلف على يمين فرأى غيرها خيرا منها فليكفّر عن يمينه ، وليفعل الذي هو خير».
وهو قول عمر وابن عباس وعائشة رضي الله عنها وبه قال الحسن وابن سيرين ، وإليه ذهب مالك والأوزاعي والشافعي ، إلا أن الشافعي يقول : إن كفّر بالصوم قبل الحنث لأنه يجوز لأنه بدني ، إنما يجوز بالإطعام أو الكسوة أو العتق كما يجوز تقديم الزكاة على الحول ، ولا يجوز تعجيل صوم رمضان قبل وقته ، وذهب قوم إلى أنه لا يجوز تقديم الكفارة على الحنث ، وبه قال أبو حنيفة رضي الله عنه. قوله عزوجل : (وَاحْفَظُوا أَيْمانَكُمْ) ، قيل : أراد به ترك الحلف ، أي : لا تحلفوا ، وقيل : هو الأصح ، أراد به : إذا حلفتم فلا تحنثوا ، فالمراد منه حفظ اليمين عن الحنث هذا إذا لم يكن يمينه على ترك مندوب أو فعل مكروه ، فإن حلف على فعل مكروه أو ترك مندوب ، فالأفضل أن يحنث نفسه ويكفّر ، لما :
[٨٢٣] أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي أنا أحمد بن عبد الله النعيمي أنا محمد بن يوسف أنا محمد بن إسماعيل ، أنا حجاج بن منهال أنا جرير بن حازم عن الحسن عن عبد الرحمن بن سمرة قال : قال النبيّ صلىاللهعليهوسلم : «يا عبد الرحمن بن سمرة لا تسأل الإمارة ، فإنك إن أوتيتها عن مسألة وكلت إليها ، وإن أوتيتها من غير مسألة أعنت عليها ، وإذا حلفت على يمين فرأيت غيرها خيرا منها فكفّر عن يمينك وأت الذي هو خير».
(كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ آياتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ).
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (٩٠) إِنَّما يُرِيدُ الشَّيْطانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَداوَةَ وَالْبَغْضاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللهِ وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ (٩١))
__________________
[٨٢٢] ـ تقدم في سورة البقرة آية : ٢٢٤.
[٨٢٣] ـ إسناده على شرط البخاري ومسلم ، الحسن هو ابن أبي الحسن البصري.
وهو في «شرح السنة» ٢٤٢٩ بهذا الإسناد. وفي «صحيح البخاري» ٧١٤٦ عن حجاج بن منهال بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري ٦٦٢٢ و ٦٧٢٢ و ٧١٤٦ و ٧١٤٧ ومسلم ١٦٥٢ والترمذي ١٥٢٩ وأحمد (٥ / ٦٢ و ٦٣) والدارمي (٢ / ١٨٦) وابن حبان ٤٣٤٨ والبيهقي (١٠ / ١٠٠) من طرق عن الحسن به.
وأما صدره دون الحلف فقد أخرجه مسلم (٣ / ١٤٥٩ ح ١٣) وأبو داود ٢٩٢٩ والنسائي (٨ / ٢٢٥) وابن الجارود ٩٩٨ من طرق عن الحسن به.
وأما عجزه دون السؤال عن الإمارة فقد أخرجه مسلم ١٦٥٢ وأبو داود ٣٢٧٧ و ٣٢٧٨ والنسائي (٧ / ١٠ و ١٢) والطيالسي ١٣٥١ وأحمد (٥ / ٦١) وابن الجارود ٩٢٩ والبيهقي (١٠ / ٥٣) من طرق عن الحسن به.
__________________
(١) سقط من المخطوط.