قوله عزوجل : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ) ، أي : القمار ، (وَالْأَنْصابُ) ، يعني : الأوثان ، سمّيت بذلك لأنهم كانوا ينصبونها ، واحدها نصب بفتح النون وسكون الصاد ، ونصب بضم النون مخففا ومثقلا ، (وَالْأَزْلامُ) ، يعني : القداح التي يستسقون بها واحدها زلم ، (رِجْسٌ) ، خبيث مستقذر ، (مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ) ، من تزيينه ، (فَاجْتَنِبُوهُ) ، ردّ الكناية إلى الرجس ، (لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ).
(إِنَّما يُرِيدُ الشَّيْطانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَداوَةَ وَالْبَغْضاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ) ، أما العداوة في الخمر فإن الشاربين إذا سكروا عربدوا وتشاجروا ، كما فعل الأنصاري الذي شجّ سعد بن أبي وقاص بلحي الجمل ، وأمّا العداوة في الميسر ، قال قتادة : كان الرجل يقامر على الأهل والمال ثم يبقى حزينا مسلوب الأهل والمال مغتاظا على خرقائه (١) ، (وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللهِ وَعَنِ الصَّلاةِ) ، وذلك أن من اشتغل بشرب الخمر والقمار ألهاه ذلك عن ذكر الله ، وشوّش عليه صلاته كما فعل بأضياف عبد الرحمن بن عوف ، تقدم رجل ليصلّي بهم صلاة المغرب بعد ما شربوا فقرأ (قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ (١)) [الكافرون : ١] ، أعبد ، بحذف لا ، (فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ)؟ أي : انتهوا لفظة استفهام ومعناه أمر ؛ كقوله تعالى : (فَهَلْ أَنْتُمْ شاكِرُونَ)؟ [الأنبياء : ٨٠].
(وَأَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَاحْذَرُوا فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّما عَلى رَسُولِنَا الْبَلاغُ الْمُبِينُ (٩٢) لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جُناحٌ فِيما طَعِمُوا إِذا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ ثُمَّ اتَّقَوْا وَآمَنُوا ثُمَّ اتَّقَوْا وَأَحْسَنُوا وَاللهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (٩٣) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللهُ بِشَيْءٍ مِنَ الصَّيْدِ تَنالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِماحُكُمْ لِيَعْلَمَ اللهُ مَنْ يَخافُهُ بِالْغَيْبِ فَمَنِ اعْتَدى بَعْدَ ذلِكَ فَلَهُ عَذابٌ أَلِيمٌ (٩٤))
(وَأَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَاحْذَرُوا) ، المحارم والمناهي ، (فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّما عَلى رَسُولِنَا الْبَلاغُ الْمُبِينُ) ، وفي وعيد شارب الخمر [ما](٢) :
[٨٢٤] أخبرنا أبو القاسم عبد الرحمن بن محمد الفوراني أنا أبو الحسن علي بن عبد الله الطيسفوني ثنا أبو الحسن محمد بن محمود المحمودي أنا أبو العباس الماسرجسي بنيسابور أخبرنا إسحاق بن إبراهيم الحنظلي أخبرنا صالح بن قدامة حدثنا أخي عبد الملك بن قدامة عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر :
__________________
[٨٢٤] ـ حديث صحيح. إسناده ضعيف لضعف عبد الملك بن قدامة ، وصالح بن قدامة مقبول ، لكن المتن صحيح لشواهده.
وهو في «شرح السنة» ٢٩٠٨ بهذا الإسناد.
وورد بنحوه من وجه آخر عن عطاء بن السائب عن عبد الله بن عبيد الله بن عمير عن ابن عمر به عند الترمذي ١٨٦٢ والطيالسي ١٧٢٠ وأبو يعلى ٥٦٨٦ والبغوي في «شرح السنة» ٢٩١٠ وعجزه «قيل : يا أبا عبد الرحمن ، وما نهر الخبال؟
قال : نهر من صديد أهل النار».
وقال الترمذي : هذا حديث حسن ا ه.
وله شاهد من حديث جابر أخرجه مسلم ٢٠٠٢ والنسائي (٨ / ٣٢٧) وأحمد (٣ / ٣٦١) وابن حبان ٥٣٦٠ والبزار ٢٩٢٧ والبيهقي (٨ / ٢٩١ ، ٢٩٢) في «الشعب» ٥٥٧٩ والبغوي في «شرح السنة» ٢٩٠٩.
وآخر من حديث عبد الله بن عمرو عند النسائي (٨ / ٣١٧) وابن ماجه ٣٣٧٧ وأحمد (٢ / ١٧٦) وابن حبان ٥٣٥٧ والدارمي (٢ / ١١١) والبيهقي في «الشعب» ٥٥٨١.
__________________
(١) في المخطوط وط «حرفائه».
(٢) زيادة عن المخطوط.