أَلِيمٌ) ، خصّ الذين كفروا لعلمه أنّ بعضهم يؤمنون.
(أَفَلا يَتُوبُونَ إِلَى اللهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ)؟ قال الفراء : هذا أمر بلفظ الاستفهام ؛ كقوله تعالى : (فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ) ، أي : انتهوا ، والمعنى : أن الله يأمركم بالتوبة والاستغفار من هذا الذنب العظيم ، (وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ).
(مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ) ، مضت ، (مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ) ، أي : ليس هو بإله بل هو كالرسل الذين مضوا لم يكونوا آلهة ، (وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ) ، أي : كثيرة الصدق ، وقيل : سمّيت صديقة لأنها صدقت بآيات الله ، كما قال عزوجل في وصفها : (وَصَدَّقَتْ بِكَلِماتِ رَبِّها) [التحريم : ١٢] ، (كانا يَأْكُلانِ الطَّعامَ) ، أي : كانا يعيشان بالطعام والغذاء كسائر الآدميين ، فكيف يكون إلها من لا يقيمه إلا أكل الطعام؟ وقيل : هذا كناية عن الحدث ، وذلك أن من أكل وشرب لا بدّ له من البول والغائط ، ومن هذه صفته كيف يكون إلها؟ ثم قال : (انْظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الْآياتِ ثُمَّ انْظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ) ، أي : يصرفون عن الحق.
(قُلْ أَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ ما لا يَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلا نَفْعاً وَاللهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (٧٦) قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلا تَتَّبِعُوا أَهْواءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيراً وَضَلُّوا عَنْ سَواءِ السَّبِيلِ (٧٧) لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ عَلى لِسانِ داوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذلِكَ بِما عَصَوْا وَكانُوا يَعْتَدُونَ (٧٨) كانُوا لا يَتَناهَوْنَ عَنْ مُنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ ما كانُوا يَفْعَلُونَ (٧٩))
(قُلْ أَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ ما لا يَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلا نَفْعاً وَاللهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (٧٦)).
(قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِ) ، أي : لا تتجاوزوا الحد والغلو والتقصير كل واحد منهما مذموم في الدين ، وقوله : (غَيْرَ الْحَقِ) ، أي : في دينكم المخالف للحق ، وذلك أنهم خالفوا الحق في دينهم ، ثم غلوا فيه بالإصرار عليه ، (وَلا تَتَّبِعُوا أَهْواءَ قَوْمٍ) ، والأهواء جمع الهوى وهو ما تدعو إليه شهوة النفس ، (قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ) ، يعني : رؤساء الضلالة من فريقي اليهود والنصارى ، والخطاب للذين كانوا في عصر النبيّ صلىاللهعليهوسلم نهوا عن اتّباع أسلافهم فيما ابتدعوه بأهوائهم ، (وَأَضَلُّوا كَثِيراً) ، يعني : من اتّبعهم على أهوائهم ، (وَضَلُّوا عَنْ سَواءِ السَّبِيلِ) ، عن قصد الطريق ، أي :
بالإضلال فالضلال الأول من الضلالة ، والثاني بإضلال من اتّبعهم.
(لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ عَلى لِسانِ داوُدَ) ، يعني : أهل أيلة لما اعتدوا في السبت ، وقال داود عليهالسلام : اللهمّ العنهم واجعلهم آية فمسخوا قردة وخنازير ، (وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ) ، أي : على لسان عيسى عليهالسلام يعني كفّار أصحاب المائدة ، لما لم يؤمنوا ، قال عيسى : اللهمّ العنهم واجعلهم آية فمسخوا خنازير ، (ذلِكَ بِما عَصَوْا وَكانُوا يَعْتَدُونَ).
(كانُوا لا يَتَناهَوْنَ عَنْ مُنكَرٍ فَعَلُوهُ) ، أي : لا ينهى بعضهم بعضا (لَبِئْسَ ما كانُوا يَفْعَلُونَ).
[٨١٦] أخبرنا أبو سعيد الشريحي أنا أبو إسحاق الثعلبي أنا أبو الحسن محمد بن الحسين أنا أحمد بن
__________________
[٨١٦] ـ إسناده ضعيف. رجال الإسناد ثقات ، لكنه منقطع ، أبو عبيدة لم يسمع من أبيه ، لكن للحديث شواهد تقويه.