بِاللهِ) ، أي : بالقلب ، وقيل : الذين آمنوا على حقيقة الإيمان (مَنْ آمَنَ بِاللهِ) ، أي : ثبت على الإيمان ، (وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صالِحاً فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ).
قوله تعالى : (لَقَدْ أَخَذْنا مِيثاقَ بَنِي إِسْرائِيلَ) في التوحيد والنبوّة ، (وَأَرْسَلْنا إِلَيْهِمْ رُسُلاً كُلَّما جاءَهُمْ رَسُولٌ بِما لا تَهْوى أَنْفُسُهُمْ فَرِيقاً كَذَّبُوا) ، عيسى ومحمّدا صلوات الله وسلامه عليهما ، (وَفَرِيقاً يَقْتُلُونَ) ، يحيى وزكريا.
(وَحَسِبُوا) ، [أي](١) ظنّوا ، (أَلَّا تَكُونَ فِتْنَةٌ) ، أي : عذاب وقتل ، وقيل : ابتلاء واختبار ، أي : ظنّوا أن لا يبتلوا ولا يعذّبهم الله ، قرأ أهل البصرة وحمزة والكسائي «تكون» برفع النون على معنى أنها (٢) لا تكون ، ونصبها الآخرون كما لو لم تكن قبله لا ، (فَعَمُوا) ، عن الحق فلم يبصروه ، (وَصَمُّوا) ، عنه فلم يسمعوه ، يعني : عموا وصموا بعد موسى صلوات الله وسلامه عليه ، (ثُمَّ تابَ اللهُ عَلَيْهِمْ) ، ببعث عيسى عليهالسلام ، (ثُمَّ عَمُوا وَصَمُّوا كَثِيرٌ مِنْهُمْ) ، بالكفر بمحمد صلىاللهعليهوسلم ، (وَاللهُ بَصِيرٌ بِما يَعْمَلُونَ).
(لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وَقالَ الْمَسِيحُ يا بَنِي إِسْرائِيلَ اعْبُدُوا اللهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْواهُ النَّارُ وَما لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصارٍ (٧٢) لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللهَ ثالِثُ ثَلاثَةٍ وَما مِنْ إِلهٍ إِلاَّ إِلهٌ واحِدٌ وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (٧٣) أَفَلا يَتُوبُونَ إِلَى اللهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٧٤) مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كانا يَأْكُلانِ الطَّعامَ انْظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الْآياتِ ثُمَّ انْظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ (٧٥))
(لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ) ، وهم الملكانية واليعقوبية منهم ، (وَقالَ الْمَسِيحُ يا بَنِي إِسْرائِيلَ اعْبُدُوا اللهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْواهُ النَّارُ وَما لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصارٍ).
(لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللهَ ثالِثُ ثَلاثَةٍ) ، يعني : المرقوسية ، وفيه إضمار معناه : ثالث ثلاثة آلهة (٣) ، لأنهم يقولون : الإلهية مشتركة بين الله تعالى ومريم وعيسى ، وكل واحد من هؤلاء إله فهم ثلاثة آلهة ، يبيّن هذا قوله عزوجل للمسيح : (أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّي إِلهَيْنِ مِنْ دُونِ اللهِ)؟ [المائدة : ١١٦] ، ومن قال : إن الله ثالث ثلاثة ولم يرد به الإلهية لا يكفر ، فإنّ الله يقول : (ما يَكُونُ مِنْ نَجْوى ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رابِعُهُمْ) [المجادلة : ٧].
[٨١٥] وقال النبيّ صلىاللهعليهوسلم لأبي بكر رضي الله عنه : «ما ظنك باثنين الله ثالثهما». ثم قال ردا عليهم :(وَما مِنْ إِلهٍ إِلَّا إِلهٌ واحِدٌ وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَ) ، ليصيبنّ ، (الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذابٌ
__________________
[٨١٥] ـ يأتي في سورة التوبة آية : ٤٠ إن شاء الله ، رواه الشيخان.
__________________
(١) زيادة عن المخطوط.
(٢) في المخطوط «أنه».
(٣) في المطبوع «الآلهة».