أخبر أن كفرهم بالبعض محبط للإيعاب بالبعض ، وقيل : (بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ) ، أي : أظهر تبليغه ؛ كقوله : (فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ) [الحجر : ٩٤] ، (وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ) فإن لم تظهر تبليغه (فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ) ، أمره بتبليغ ما أنزل إليه مجاهرا محتسبا صابرا ، غير خائف ، فإن أخفيت منه شيئا لخوف يلحقك فما بلّغت رسالته ، (وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ) ، يحفظك ويمنعك من الناس ، فإن قيل : أليس قد شجّ رأسه وكسرت رباعيته وأوذي بضروب من الأذى؟ قيل : معناه يعصمك من القتل فلا يصلون إلى قتلك. وقيل : نزلت هذه الآية بعد ما شجّ رأسه ، لأن سورة المائدة من آخر ما نزل من القرآن. وقيل : والله يخصك بالعصمة من بين الناس ، لأنّ النبيّ صلىاللهعليهوسلم معصوم ، (إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكافِرِينَ).
[٨١١] أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي أنا أحمد بن عبد الله النعيمي أنا محمد بن يوسف أنا محمد بن إسماعيل أنا أبو اليمان أنا شعيب (١) عن الزهري أنا سنان بن أبي سنان الدؤلي وأبو سلمة بن عبد الرحمن أن جابر بن عبد الله أخبرهما (١) أنه غزا مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم قبل نجد ، فلما قفل رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، قفل معه فأدركتهم القائلة في واد كثير العضاه ، فنزل رسول الله صلىاللهعليهوسلم وتفرّق الناس يستظلون بالشجر ، فنزل رسول الله صلىاللهعليهوسلم تحت شجرة وعلّق بها سيفه ونمنا نومة ، فإذا رسول الله صلىاللهعليهوسلم يدعونا وإذا عنده أعرابي ، فقال : «إنّ هذا اخترط سيفي وأنا نائم ، فاستيقظت وهو في يده صلتا ، فقال : من يمنعك مني؟ فقلت : الله ثلاثا» ، ولم يعاقبه وجلس.
[٨١٢] وروى محمد بن كعب القرظي عن أبي هريرة رضي الله عنه أن الأعرابي سل سيفه ، وقال : من يمنعك مني يا محمد؟ قال : «الله» ، فرعدت يد الأعرابي وسقط السيف من يده وجعل يضرب برأسه الشجرة حتى انتثر دماغه ، فأنزل الله تعالى هذه الآية.
__________________
[٨١١] ـ إسناده صحيح على شرط البخاري ومسلم ، أبو اليمان هو الحكم بن نافع ، شعيب هو ابن أبي حمزة ، الزهري هو محمد بن مسلم.
وهو في «الأنوار» ٢١٦ بهذا الإسناد.
وفي «صحيح البخاري» ٢٩١٠ و ١٩١٣ عن أبي اليمان بهذا الإسناد.
وأخرجه مسلم ٢٢٨١ ح ١٤ والنسائي في «الكبرى» ٨٧٧٢ وأحمد (٣ / ٣١١) والبيهقي (٦ / ٣١٩) وفي «الدلائل» (٣ / ٣٧٣) من طرق عن شعيب بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري ٢٩١٣ ومسلم (٤ / ١٧٨٦) (١٣) والنسائي في «الكبرى» ٨٨٥٢ وابن حبان ٤٥٣٧ من طرق عن إبراهيم بن سعد عن الزهري عن سنان الدؤلي عن جابر به.
وأخرجه البخاري ٤١٣٥ من طريق الزهري عن سنان عن جابر به. ومسلم ٢٢٨١ ح ١٣ والبيهقي في «الدلائل» (٣ / ٣٧٤) من طريق معمر عن الزهري عن أبي سلمة عن جابر به.
وأخرجه مسلم ٨٤٣ وأحمد (٣ / ٣٦٤) والبيهقي في «الدلائل» (٣ / ٣٧٥) من طرق عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن جابر به.
وانظر ما تقدم برقم : ٨٠٦ و ٨١٢.
(١) زيد في الأصل «أبو» بين «أنا» و «شعيب» والتصويب من «الأنوار» ومصادر التخريج.
[٨١٢] ـ باطل. لم أره عن محمد بن كعب القرظي عن أبي هريرة ، وهو عند الطبري ١٢٢٨١ من طريق أبي معشر عن محمد بن كعب القرظي مرسلا. دون ذكر أبي هريرة وكذا في «الدر المنثور» (٢ / ٥٣٠) وإسناده ضعيف جدا لضعف أبي معشر واسمه نجيح السندي ، وإرساله ، ثم إن المتن باطل لأن الحديث في الصحيحين أنه ذهب من دون أن يعرض له شيء.
(٢) في المطبوع «أخبره».