(وَالْكُفَّارَ) بخفض الراء ، يعني : ومن الكفار ، وقرأ الآخرون بالنصب ، أي : لا تتخذوا الكفار ، (أَوْلِياءَ وَاتَّقُوا اللهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ).
(وَإِذا نادَيْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ اتَّخَذُوها هُزُواً وَلَعِباً ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْقِلُونَ (٥٨)) ، قال الكلبي : كان منادي رسول الله صلىاللهعليهوسلم إذا نادى إلى الصلاة وقام المسلمون إليها ، قالت اليهود : قد قاموا لا قاموا ، قاموا وصلّوا لا صلّوا ، على طريق الاستهزاء ، وضحكوا ، فأنزل الله عزوجل هذه الآية (١).
وقال السدي : نزلت في رجل من النصارى بالمدينة كان إذا سمع المؤذن يقول : أشهد أنّ محمدا رسول الله ، قال : حرق الكاذب ، فدخل خادمه ذات ليلة بنار هو وأهله نيام ، فتطايرت منها شرارة فاحترق البيت واحترق هو وأهله (٢).
وقال الآخرون : إن الكفار لما سمعوا الأذان حسدوا المسلمين فدخلوا على رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وقالوا : يا محمد لقد أبدعت شيئا لم نسمع به فيما مضى من الأمم فإن كنت تدّعي النبوّة فقد خالفت فيما أحدثت الأنبياء قبلك ولو كان فيه خير لكان أولى الناس به الأنبياء ، فمن أين لك صياح كصياح العير ، فما أقبح من صوت وما أسمج من أمر ، فأنزل الله تعالى هذه الآية : (وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعا إِلَى اللهِ) [فصلت : ٣٣] الآية (٣).
قوله عزوجل : (قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ هَلْ تَنْقِمُونَ مِنَّا) الآية ، قرأ الكسائي : (هَلْ تَنْقِمُونَ) ، بإدغام اللام في التاء ، وكذلك يدغم لام هل في التاء والثاء والنون ، وافقه حمزة في التاء والثاء وأبو عمرو في (هَلْ تَرى) [الملك : ٣] في موضعين.
[٨٠٩] قال ابن عباس : أتى النبيّ صلىاللهعليهوسلم نفر من اليهود ، أبو ياسر بن أخطب ورافع بن أبي رافع وغيرهما ، فسألوه عمّن يؤمن به من الرسل ، فقال : (آمَنَّا بِاللهِ وَما أُنْزِلَ إِلَيْنا وَما أُنْزِلَ إِلى إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ) ، إلى قوله : (وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ) [البقرة : ١٣٣] ، فلما ذكر عيسى عليهالسلام جحدوا نبوّته ، وقالوا : والله ما نعلم أهل دين أقل حظا في الدنيا والآخرة منكم ، ولا دينا شرا من دينكم ، فأنزل الله تعالى هذه الآية.
(قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ هَلْ تَنْقِمُونَ مِنَّا) ، أي : [هل](٤) تكرهون منّا ، (إِلَّا أَنْ آمَنَّا بِاللهِ وَما أُنْزِلَ إِلَيْنا وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلُ وَأَنَّ أَكْثَرَكُمْ فاسِقُونَ) ، أي : [هل تكرهون](٥) إلا إيماننا وفسقكم ، أي : إنّما كرهتم إيماننا وأنتم تعلمون أنّا على حق ، لأنكم فسقتم بأن أقمتم على دينكم لحب الرئاسة وحب الأموال (٦) ، ثم قال :
(قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللهِ مَنْ لَعَنَهُ اللهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ
__________________
[٨٠٩] ـ ضعيف. أخرجه الطبري ١٢٢٢٤ من حديث ابن عباس ، وإسناده ضعيف لجهالة محمد بن أبي محمد.
وذكره الواحدي في «أسبابه» ٤٠١ عن ابن عباس بدون إسناد.
(١) ذكره الواحدي في «أسباب النزول» ٣٩٩ عن الكلبي بدون إسناد والكلبي متروك متهم بالكذب.
(٢) أخرجه الطبري ١٢٢٢٣ عن السدي مرسلا وذكره الواحدي ٤٠٠ عن السدي بدون إسناد.
(٣) ذكره الواحدي في «أسباب النزول» ٤٠٠ م هكذا بدون إسناد.
(٤) زيادة عن المخطوط.
(٥) زيد في المطبوع وط.
(٦) تصحف في المطبوع «الأقوال».