إنما قلن ذلك مكرا بها لتريهن يوسف [الذي سلبها العقل](١) ، وكان وصف لهنّ حسنه وجماله. وقيل : إنها أفشت لهن [سرّها واستكتمتهن فأفشين](٢) ذلك ، فلذلك سمّاه مكرا. (أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَ) ، قال وهب : اتّخذت [راعيل](٣) مأدبة ودعت أربعين امرأة منهنّ هؤلاء اللاتي عيّرنها. (وَأَعْتَدَتْ) ، أي : أعدّت ، (لَهُنَّ مُتَّكَأً) ، أي : ما يتكأ عليه. وقال ابن عباس وسعيد بن جبير والحسن وقتادة ومجاهد : متكأ أي : طعاما سمّاه متكأ لأن أهل الطعام إذا جلسوا يتكئون على الوسائد ، فسمّي الطعام متّكأ على الاستعارة. يقال : اتّكأنا عند فلان ، أي : طعمنا. ويقال : المتّكأ ما اتّكأت عليه للشراب أو الحديث أو الطعام ، ويقرأ في الشواذ «متكأ» بسكون التاء. واختلفوا في معناه ، فقال ابن عباس : هو الأترج. وقد روي عن مجاهد مثله. وقيل : هو الأترج بالحبشة. وقال الضحاك : هو الزماورد (٤). وقال عكرمة : هو كل شيء يقطع بالسكين. وقال أبو زيد الأنصاري : كل ما يجزّ بالسكين فهو عند العرب متك ، والمتك والبتك بالميم والباء : القطع ، فزيّنت المأدبة بألوان الفواكه والأطعمة ، ووضعت الوسائد ودعت النّسوة. (وَآتَتْ) ، أعطت ، (كُلَّ واحِدَةٍ مِنْهُنَّ سِكِّيناً) ، فكن يأكلن اللحم حزّا (٥) بالسكين. (وَقالَتِ) ليوسف : (اخْرُجْ عَلَيْهِنَ) ، وذلك أنها كانت أجلسته في مكان آخر ، فخرج عليهن يوسف. قال عكرمة : كان فضل يوسف على سائر الناس في الحسن كفضل القمر ليلة البدر على سائر النجوم.
[١١٨٣] وروي عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «رأيت ليلة أسري بي إلى السماء [فإذا] يوسف كالقمر ليلة البدر».
قال إسحاق بن أبي فروة : كان يوسف إذا سار في أزقة مصر يرى تلألأ وجهه على الجدران. (فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ) ، أعظمنه ، قال أبو العالية : هالهنّ أمره وبهتن. وقيل : أكبرنه أي : حضن لأجله من جماله. ولا يصح. (وَقَطَّعْنَ) ، أي : حززن بالسكاكين التي معهن ، (أَيْدِيَهُنَ) ، وهن يحسبن أنهن يقطعن الأترج ، ولم يجدن الألم لشغل قلوبهن بيوسف. قال مجاهد : فما أحسن إلا بالدم. وقال قتادة : إنهنّ أبنّ أيديهنّ حتى ألقينها. والأصح [أنه](٦) كان قطعا بلا إبانة ، وقال وهب : ماتت جماعة منهن. (وَقُلْنَ حاشَ لِلَّهِ ما هذا بَشَراً) ، أي : معاذ الله أن يكون هذا بشرا ، قرأ أبو عمر : [حاشى بإتيان الياء](٧) في الوصل على الأصل ، وقرأ الآخرون بحذف الياء (٨) لكثرة دورها (٩) على الألسن واتباع الكذب. وقوله : (ما هذا بَشَراً) ، نصب بنزع حرف الصفة ، أي : ببشر ، (إِنْ هذا) ، أي : ما هذا ، (إِلَّا مَلَكٌ) ، من الملائكة ،
__________________
[١١٨٣] ـ ضعيف. أخرجه الطبري ٢٢٠٢١ من حديث أبي هريرة في أثناء خبر مطوّل وفيه أبو جعفر الرازي ، والجمهور على ضعفه.
وله شاهد من حديث أبي سعيد الخدري أخرجه أيضا الطبري ٢٢٠٢٣ في أثناء خبر مطوّل ، وفيه أبو هارون العبدي اسمه عمارة بن حوين ، وهو ضعيف ، وقد صح وصف يوسف بأنه أعطي شطر الحسن كما تقدم برقم : ١١٨٠ وليس فيه تشبيهه بالقمر.
__________________
(١) زيادة عن المخطوط.
(٢) زيادة عن المخطوط وط.
(٣) زيادة عن المخطوط.
(٤) في المطبوع وط ، «الرّباورد».
(٥) في المخطوط «جزا».
(٦) زيادة عن المخطوط.
(٧) زيادة عن المخطوط.
(٨) في المطبوع «الألف».
(٩) كذا في المخطوط والمطبوع ، وفي ط «ورودها».