(وَاسْتَبَقَا الْبابَ وَقَدَّتْ قَمِيصَهُ مِنْ دُبُرٍ وَأَلْفَيا سَيِّدَها لَدَى الْبابِ قالَتْ ما جَزاءُ مَنْ أَرادَ بِأَهْلِكَ سُوءاً إِلاَّ أَنْ يُسْجَنَ أَوْ عَذابٌ أَلِيمٌ (٢٥) قالَ هِيَ راوَدَتْنِي عَنْ نَفْسِي وَشَهِدَ شاهِدٌ مِنْ أَهْلِها إِنْ كانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الْكاذِبِينَ (٢٦))
(وَاسْتَبَقَا الْبابَ) ، وذلك أن يوسف [عليه الصّلاة والسّلام](١) لمّا رأى البرهان قام مبادرا إلى باب البيت هاربا وتبعته المرأة لتمسك الباب حتى لا يخرج يوسف ، فسبق يوسف وأدركته المرأة فتعلّقت بقميصه [من](٢) خلفه فجذبته إليها حتى لا يخرج. (وَقَدَّتْ قَمِيصَهُ) ، أي : فشقته (مِنْ دُبُرٍ) ، أي : من خلف ، فلما خرجا لقيا العزيز ، وهو قوله : (وَأَلْفَيا سَيِّدَها لَدَى الْبابِ) ، وجدا زوج المرأة قطفير عند الباب جالسا مع ابن عم راعيل فلما رأته هابته و (قالَتْ) سابقة بالقول لزوجها : (ما جَزاءُ مَنْ أَرادَ بِأَهْلِكَ سُوءاً) ، يعني : الزنا ، ثم خافت عليه أن يقتله [ولم تبلغ منه مأربا](٣) ، فقالت : (إِلَّا أَنْ يُسْجَنَ) ، أي : يحبس ، (أَوْ عَذابٌ أَلِيمٌ) ، أي : ضرب بالسّياط ، فلما سمع يوسف مقالتها.
(قالَ هِيَ راوَدَتْنِي عَنْ نَفْسِي) ، يعني : طلبت مني الفاحشة فأبيت وفررت منها. قيل : ما كان يريد يوسف أن يذكره (٤) ، فلما قالت المرأة «ما جزاء من أراد بأهلك سوءا» ذكره ، فقال : هي راودتني عن نفسي. (وَشَهِدَ شاهِدٌ) ، وحكم حاكم ، (مِنْ أَهْلِها) ، اختلفوا في ذلك الشاهد ، فقال سعيد بن جبير والضحاك : كان صبيا في المهد أنطقه الله عزوجل.
[١١٨٢] وهو رواية العوفي عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبيّ صلىاللهعليهوسلم أنه قال : «تكلّم في المهد أربعة وهم صغار ، ابن ماشطة ابنة فرعون ، وشاهد يوسف ، وصاحب جريج ، وعيسى ابن مريم عليهالسلام».
وقيل : كان ذلك الصبي ابن خال المرأة. وقال الحسن وعكرمة وقتادة ومجاهد : لم يكن صبيا ولكنه
__________________
[١١٨٢] ـ إسناده ضعيف ، وذكر شاهد يوسف باطل.
أخرجه الطبري ١٩١١٨ عن ابن عباس مرفوعا ، وإسناده ضعيف ، فيه عطاء بن السائب ، وهو صدوق إلا أنه اختلط ، وقد اضطرب فيه فرواه موقوفا على ابن عباس أخرجه الطبري ١٩١٠٨ و ١٩١٠٩ وسكت عليه الحافظ في «تخريج الكشاف» (٢ / ٤٥٩) وهو ضعيف.
وأخرج أحمد (١ / ٣٠١) وأبو يعلى ٢٥١٧ والطبراني ١٢٢٨٠ وابن حبان ٢٩٠٤ والبيهقي في «الدلائل» (٢ / ٣٨٩) عن عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس حديثا مرفوعا وفي آخره ... قال ابن عباس : «أربعة تكلموا وهم صغار ....» فهو موقوف كما ترى وهو الصواب.
وقد اضطرب ابن السائب فرواه تارة مرفوعا ، وتارة موقوفا ، والموقوف أصح ، وهو غير قوي مع وقفه لأن مداره على ابن السائب ، وقد اختلط ، والصواب أن شاهد يوسف كان كبيرا بل كان مستشارا للعزيز وقاضيا.
ويؤيد ما قلت ما رواه البخاري ٣٤٣٦ ومسلم ٢٥٥٠ وأحمد (٢ / ٣٠٧) وغيرهم من حديث أبي هريرة : «لم يتكلم في المهد إلا ثلاثة : عيسى ابن مريم وصاحب جريج والطفل الرضيع» وقصته معروفة ، وبهذا يتبين أن ذكر شاهد يوسف في الذين تكلموا في المهد تفرد به ابن السائب ، ولا يتابع عليه بل خولف ، والظاهر أنه متلقى عن أهل الكتاب ، والله أعلم.
وانظر «فتح القدير» للشوكاني ١٢٦٦ و «الكشاف» ٥٤١ وكلاهما بتخريجي.
__________________
(١) زيادة عن المخطوط.
(٢) زيادة عن المخطوط.
(٣) زيادة عن المخطوط.
(٤) في المطبوع «يذكرها».