الحسن وسعيد بن جبير ومجاهد وعكرمة والضحاك : انفرج له سقف البيت فرأى يعقوب عليهالسلام عاضا على إصبعه. وقال سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما : مثل له يعقوب عليهالسلام فضرب بيده في صدره فخرجت شهوته من أنامله. وقال السدي : نودي يا يوسف تواقعها إنما مثلك ما لم تواقعها مثل الطير في جو (١) السماء لا يطاق ومثلك إن واقعتها (٢) مثله إذا مات ووقع على الأرض لا يستطيع أن يدفع [عن] نفسه [شيئا](٣) ، ومثلك ما لم تواقعها مثل الثور الصعب الذي لا يطاق ومثلك إن واقعتها مثل الثور يموت فيدخل النمل في أصل قرنيه لا يستطيع أن يدفعه عن نفسه.
عن مجاهد عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : (وَهَمَّ بِها) ، قال : حلّ سراويله وقعد منها مقعد الرجل من امرأته فإذا بكف قد بدت بينهما بلا معصم ولا عضد مكتوب عليها : (وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحافِظِينَ (١٠) كِراماً كاتِبِينَ (١١) يَعْلَمُونَ ما تَفْعَلُونَ (١٢)) [الانفطار : ١٠ ـ ١٢] ، فقام هاربا وقامت ، فلما ذهب عنهما الرعب عادت وعاد فظهرت تلك الكف مكتوبا عليها : (وَلا تَقْرَبُوا الزِّنى إِنَّهُ كانَ فاحِشَةً وَساءَ سَبِيلاً (٣٢)) [الإسراء : ٣٢] ، فقام هاربا وقامت ، فلما ذهب عنهما الرعب عادت وعاد ، فظهر فرأى تلك الكف مكتوبا عليها : (وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللهِ) [البقرة : ٢٨١] ، فقام هاربا وقامت ، فلما ذهب عنهما الرعب عادت وعاد ، فقال الله عزوجل لجبريل عليهالسلام : أدرك عبدي قبل أن يصيب الخطيئة ، فانحطّ جبريل عليهالسلام عاضّا على إصبعه ، يقول : يا يوسف تعمل عمل السفهاء وأنت مكتوب عند الله في [ديوان](٤) الأنبياء (١). وروي أنه مسحه بجناحه فخرجت شهوته من أنامله.
وقال محمد بن كعب القرظي : رفع يوسف رأسه إلى سقف البيت حين همّ بها فرأى مكتوبا (٥) في حائط البيت : (وَلا تَقْرَبُوا الزِّنى إِنَّهُ كانَ فاحِشَةً وَساءَ سَبِيلاً (٣٢)) [الإسراء : ٣٢] ، وروى عطية عن ابن عباس : في البرهان أنه رأى مثال الملك.
وقال جعفر بن محمد الصادق رضي الله عنهما : البرهان النبوّة التي أودعها الله في صدره حالت بينه وبين ما يسخط الله عزوجل.
وعن علي بن الحسين قال : كان في البيت صنم فقامت المرأة وسترته بثوب ، فقال لها يوسف : لم فعلت هذا؟ فقالت : استحييت منه أن يراني على المعصية ، فقال يوسف : أتستحين مما لا يسمع ولا يبصر ولا يفقه؟ فأنا أحق أن أستحي من ربّي [الذي هو يسمع ويبصر ويفقه ثم تولّى عنها](٦) هاربا. قوله عزوجل : (لَوْ لا أَنْ رَأى بُرْهانَ رَبِّهِ) ، جواب لو لا محذوف تقديره : لو لا أن رأى برهان ربّه لواقع المعصية. (كَذلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشاءَ) ، فالسوء الإثم. وقيل : السوء القبيح والفحشاء : الزنا. (إِنَّهُ مِنْ عِبادِنَا الْمُخْلَصِينَ) ، قرأ أهل المدينة والكوفة : (الْمُخْلَصِينَ) بفتح اللام حيث كان إذا لم يكن بعده ذكر الدّين ، زاد الكوفيون (مُخْلَصاً) في سورة مريم [٥١] عليهاالسلام ففتحوا. ومعنى (الْمُخْلَصِينَ) المختارين للنبوّة. دليله : (إِنَّا أَخْلَصْناهُمْ بِخالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ (٤٦)) [ص : ٤٦] ، وقرأ الآخرون بكسر اللام ، أي : المخلصين لله بالطاعة والعبادة
__________________
(١) الآثار الواردة في همّ يوسف مصدرها الإسرائيليات ، لا حجة في شيء من ذلك.
__________________
(١) في المطبوع «جوف».
(٢) في المطبوع «تواقعه».
(٣) زيادة عن المخطوط.
(٤) زيادة عن المخطوط.
(٥) في المطبوع وط «كتابا».
(٦) زيادة عن المخطوط.