واختلفوا في
عدد هؤلاء التائبين :
فروي عن عليّ
بن أبي طلحة عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال : كانوا عشرة منهم أبو لبابة. وروى عطية عنه
: أنهم كانوا خمسة أحدهم أبو لبابة. وقال سعيد بن جبير وزيد بن أسلم : كانوا
ثمانية. وقال الضحاك وقتادة : كانوا سبعة. وقالوا جميعا : أحدهم أبو لبابة. وقال
قوم : نزلت في أبي لبابة خاصة. واختلفوا في ذنبه ، قال مجاهد : نزلت في أبي لبابة
حين قال لقريظة : إن نزلتم على حكمه فهو الذبح وأشار [بيده] إلى حلقه .
[١١١١] وقال
الزهري : نزلت في تخلّفه عن غزوة تبوك فربط نفسه بسارية ، وقال : والله لا أحلّ
نفسي ولا أذوق طعاما ولا شرابا حتى أموت أو يتوب الله عليّ ، فمكث سبعة أيام لا
يذوق طعاما ولا شرابا حتى خرّ مغشيا عليه ، فأنزل الله تعالى هذه الآية ، فقيل له
: قد تيب عليك ، فقال : والله لا أحلّ نفسي حتى يكون رسول الله صلىاللهعليهوسلم هو الذي يحلّني ، فجاء النبيّ صلىاللهعليهوسلم فحلّه بيده ، ثم قال أبو لبابة : يا رسول الله إن من
توبتي أن أهجر دار قومي التي أصبت فيها الذنب ، وأن أنخلع من مالي كله صدقة إلى
الله وإلى رسوله ، قال : يجزيك يا أبا لبابة الثلث. قالوا جميعا : فأخذ رسول الله صلىاللهعليهوسلم ثلث أموالهم ، وترك الثلثين.
لأن الله تعالى
قال : (خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ) ، ولم يقل : خذ أموالهم. قال الحسن وقتادة : هؤلاء سوى
الثلاثة الذين خلّفوا.
(خُذْ مِنْ
أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِها وَصَلِّ عَلَيْهِمْ
إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (١٠٣))
قوله تعالى : (خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً
تُطَهِّرُهُمْ) ، بها من ذنوبهم ، (وَتُزَكِّيهِمْ بِها) ، أي : ترفعهم من منازل المنافقين إلى منازل المخلصين.
وقيل : تنمّي أموالهم ، (وَصَلِّ عَلَيْهِمْ) ، أي : ادع لهم واستغفر لهم. وقيل : هو قول الساعي للمصدّق إذا أخذ الصدقة منه : آجرك
الله فيما أعطيت وبارك لك فيما أبقيت. والصلاة في اللغة : الدعاء. (إِنَّ صَلاتَكَ) قرأ حمزة والكسائي : (صَلاتَكَ) على التوحيد ونصب التاء هاهنا ، وفي سورة هود : (أَصَلاتُكَ) [هود : ٨٧] ، وفي سورة المؤمنين : (على صلاتهم) [٢] ، كلهن على التوحيد ،
وافقهما حفص هاهنا وفي سورة هود [٨٧] ، وقرأ الآخرون بالجمع فيهنّ وكسر التاء
هاهنا وفي سورة المؤمنين [٢] ، ولا خلاف في التي في الأنعام : (وَهُمْ عَلى صَلاتِهِمْ يُحافِظُونَ) [الأنعام : ٩٢] ، والتي في المعارج : (هُمْ عَلى صَلاتِهِمْ
دائِمُونَ) [المعارج : ٢٣] ، إنهما جميعا على التوحيد. (سَكَنٌ لَهُمْ) ، أي : إن دعاءك رحمة لهم ، قاله ابن عباس. وقيل :
طمأنينة لهم وسكون لهم أن الله عزوجل قد قبل منهم. وقال أبو عبيدة : تثبيت لقلوبهم. (وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) ، واختلفوا في وجوب الدعاء على الإمام عند أخذ الصدقة ،
فقال بعضهم : يجب. وقال بعضهم : يستحب. وقال بعضهم : يجب في صدقة الفرض ويستحب في
صدقة التطوّع. وقيل : يجب على الإمام ويستحب للفقير أن يدعو للمعطي.
__________________
__________________