حين فرقة من الناس». قال أبو سعيد : أشهد إني سمعت هذا الحديث من رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وأشهد أن عليّ بن أبي طالب قاتلهم وأنا معه ، فأمر بذلك الرجل فالتمس فوجد فأتى به حتى نظرت إليه على نعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم الذي نعته.
وقال الكلبي : قال رجل من المنافقين يقال له أبو الجوظ (١) لرسول الله صلىاللهعليهوسلم (٢) : لم تقسم بالسويّة ، فأنزل الله تعالى : (وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقاتِ) ، أي : يعيبك في أمرها وتفريقها ويطعن عليك فيها. يقال : لمزه وهمزه ، أي : عابه ، يعني : أن المنافقين كانوا يقولون إن محمدا لا يعطي إلّا من أحب. وقرأ يعقوب : (يَلْمِزُكَ) ، وكذلك (يَلْمِزُونَ) في الحجرات (وَلا تَلْمِزُوا) [الحجرات : ١١] ، كل ذلك بضم الميم [حيث كان](٣) فيهنّ ، وقرأ الباقون بكسر الميم فيهنّ وهما لغتان «يلمز ويلمز» مثل يحسر ويحسر ويعكف ويعكف. وقال مجاهد : يلمزك أي يزورك يعني يختبرك. (فَإِنْ أُعْطُوا مِنْها رَضُوا وَإِنْ لَمْ يُعْطَوْا مِنْها إِذا هُمْ يَسْخَطُونَ) ، قيل : إن أعطوا كثيرا فرحوا وإن أعطوا قليلا سخطوا.
(وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوا ما آتاهُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَقالُوا حَسْبُنَا اللهُ سَيُؤْتِينَا اللهُ مِنْ فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ إِنَّا إِلَى اللهِ راغِبُونَ (٥٩) إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ وَالْمَساكِينِ وَالْعامِلِينَ عَلَيْها وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقابِ وَالْغارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللهِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (٦٠))
(وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوا ما آتاهُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ) ، أي : قنعوا بما قسم لهم الله ورسوله ، (وَقالُوا حَسْبُنَا اللهُ) ، كافينا الله ، (سَيُؤْتِينَا اللهُ مِنْ فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ) ، ما نحتاج إليه (إِنَّا إِلَى اللهِ راغِبُونَ) ، في أن يوسّع علينا من فضله ، فيغنينا عن الصدقة وغيرها من أموال الناس. وجواب (لو) محذوف ، أي : لكان خيرا لهم وأعود عليهم.
قوله تعالى : (إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ وَالْمَساكِينِ) الآية ، بيّن الله تعالى في هذه الآية أهل [أسهم](٤) الصدقات وجعلها لثمانية (٥) أصناف.
[١٠٧٩] وروي عن زياد بن الحارث الصدائي قال : أتيت رسول الله صلىاللهعليهوسلم فبايعته ، فأتاه رجل قال : أعطني من الصدقة ، فقال له رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «إنّ الله لم يرض بحكم نبي ولا غيره في الصدقات حتى حكم فيها هو فجزّأها ثمانية أجزاء ، فإن كنت من تلك الأجزاء أعطيتك حقك». قوله : (لِلْفُقَراءِ وَالْمَساكِينِ) ، فأحد أصناف الصدقة ، الفقراء ، والثاني : المساكين ، واختلف العلماء في صفة الفقير والمسكين ، فقال ابن عباس والحسن ومجاهد وقتادة وعكرمة والزهري : الفقير الذي لا يسأل والمسكين الذي يسأل. وقال ابن عمر : ليس الفقير من جمع الدرهم إلى الدرهم والتمرة إلى التمرة ، ولكن من أنقى نفسه وثيابه لا يقدر على شيء يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفّف ، فذلك الفقير. وقال قتادة : الفقير المحتاج الزّمن ، والمسكين الصحيح المحتاج. وروي عن
__________________
[١٠٧٩] ـ ضعيف. أخرجه أبو داود ١٦٣٠ والدارقطني (٢ / ١٣٧) من حديث زياد بن الحارث الصدائي ، وفي إسناده عبد الرحمن بن زياد بن أنعم الإفريقي تكلم فيه غير واحد ، واتهمه ابن حبان.
__________________
(١) في المخطوط «أبو الجوّاص».
(٢) العبارة في المخطوط «قال للنبي وهو يقسم : لم ....».
(٣) «شرح السنة».
(٤) زيادة عن المخطوط.
(٥) في المطبوع «الثبانية» والتصويب عن المخطوط.