(مَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَلا هادِيَ لَهُ وَيَذَرُهُمْ) ، قرأ أهل البصرة وعاصم بالياء ورفع الراء ، وقرأ حمزة والكسائي بالياء وجزم الراء ، لأن ذكر الله قد مرّ قبله ، وجزم الراء مردود على (يُضْلِلِ) ، وقرأ الآخرون بالنون ورفع الراء على أنه كلام مستأنف. (فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ) ، يتردّدون متحيّرين (١).
قوله تعالى : (يَسْئَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْساها) ، قال قتادة : قالت قريش لرسول الله صلىاللهعليهوسلم : إن بيننا وبينك قرابة فأسرّ إلينا متى الساعة؟ فأنزل الله تعالى (١) : (يَسْئَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ) ، يعني : القيامة (٢) ، (أَيَّانَ مُرْساها) ، وقال ابن عباس رضي الله عنهما : منتهاها. وقال قتادة : قيامها. وأصله الثبات ، أي : مثبتها ، (قُلْ) يا محمد (إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ رَبِّي) ، استأثر بعلمها ولا يعلمها إلا هو ، (لا يُجَلِّيها) ، لا يكشفها ولا يظهرها. وقال مجاهد : لا يأتي بها ، (لِوَقْتِها إِلَّا هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) ، يعني : ثقل علمها وخفي أمرها على أهل السموات والأرض ، وكل خفي ثقيل. قال الحسن : يقول إذا جاءت ثقلت وعظمت على أهل السموات والأرض ، (لا تَأْتِيكُمْ إِلَّا بَغْتَةً) ، فجأة على غفلة.
[٩٥٨] أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي حدثنا أحمد بن عبد الله النعيمي حدثنا محمد بن يوسف حدثنا محمد بن إسماعيل حدثنا أبو اليمان حدثنا شعيب حدثنا أبو الزناد عن عبد الرحمن الأعرج عن أبي هريرة :
أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «لتقومنّ الساعة وقد نشر الرجلان ثوبهما بينهما فلا يتبايعانه ولا يطويانه ، ولتقومنّ الساعة وقد انصرف الرجل بلبن لقحته فلا يطعمه ، ولتقومنّ الساعة وهو يليط حوضه فلا يسقي فيه ، ولتقومنّ الساعة قد رفع أكلته إلى فيه فلا يطعمها». (يَسْئَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْها) ، [فيه تقديم وتأخير ، أي : يسألونك عنها كأنك حفي بها](٣) عالم بها من قولهم أحفيت المسألة ، أي : بالغت في السؤال عنها حتى علمتها ، (قُلْ إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ اللهِ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) ، أنّ علمها عند الله حتى (٤) سألوا محمدا صلىاللهعليهوسلم عنها.
(قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلا ضَرًّا إِلاَّ ما شاءَ اللهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَما مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلاَّ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (١٨٨) هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْها زَوْجَها لِيَسْكُنَ إِلَيْها فَلَمَّا تَغَشَّاها حَمَلَتْ حَمْلاً خَفِيفاً فَمَرَّتْ بِهِ فَلَمَّا أَثْقَلَتْ دَعَوَا اللهَ رَبَّهُما لَئِنْ آتَيْتَنا صالِحاً لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ (١٨٩))
(قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلا ضَرًّا إِلَّا ما شاءَ اللهُ) ، قال ابن عباس رضي الله عنهما : إن أهل مكة قالوا : يا محمد ألا يخبرك ربك بالسعر الرخيص قبل أن يغلو فتشتريه وتربح [فيه](٥) عند الغلاء وبالأرض
__________________
(١) أخرجه الطبري ١٥٤٧٣ عن قتادة مرسلا. فهو ضعيف.
[٩٥٨] ـ إسناده صحيح على شرط البخاري ومسلم.
أبو اليمان هو الحكم بن نافع ، شعيب هو ابن أبي حمزة ، أبو الزناد هو عبد الله بن ذكوان ، عبد الرحمن الأعرج هو ابن هرمز.
وهو في «شرح السنة» ٤١٢٨ بهذا الإسناد مطوّلا ، وفي «صحيح البخاري» ٦٥٠٦ و ٧١٢١ عن أبي اليمان به مطوّلا.
وأخرجه مسلم ٢٩٥٤ والحميدي ١١٠٣ و ١١٧٩ وأحمد (٢ / ٣٦٩) وأبو يعلى ٦٢٧١ من طرق عن أبي الزناد به.
__________________
(١) في المخطوط «مترددون متحيرون».
(٢) زيد في المطبوع «يوم».
(٣) زيادة عن المخطوطتين.
(٤) في المخطوط «حين».
(٥) زيادة عن المخطوط.