رضي الله عنه يقول :
سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : «لا تزال من أمتي أمة قائمة بأمر الله لا يضرّهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى يأتي أمر الله وهم على ذلك».
وقال الكلبي : هم من جميع الخلق.
(وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ (١٨٢)) ، قال عطاء : سنمكر بهم من حيث لا يعلمون. وقيل : نأتيهم من مأمنهم ؛ كما قال : (فَأَتاهُمُ اللهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا) [الحشر : ٢] ، قال الكلبي : نزيّن لهم أعمالهم فنهلكهم [بها] ، وقال الضحاك : كلما جدّدوا معصية جددنا لهم نعمة. قال سفيان الثوري : نسبغ عليهم النعمة وننسيهم الشكر. قال أهل المعاني : الاستدراج أن يتدرّج إلى (١) الشيء في خفية قليلا [قليلا](٢) ، فلا يباغت ولا يجاهر ، ومنه درج الصبي إذا قارب بين خطاه في المشي ، ومنه درج الكتاب إذا طواه شيئا بعد شيء.
(وَأُمْلِي لَهُمْ) ، أي : أمهلهم وأطيل لهم مدة عمرهم ليتمادوا في المعاصي ، (إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ) ، أي : إن أخذي قوي شديد ، قال ابن عباس : إن مكري شديد. قيل : نزلت في المستهزئين فقتلهم الله في ليلة واحدة.
(أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا ما بِصاحِبِهِمْ مِنْ جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلاَّ نَذِيرٌ مُبِينٌ (١٨٤) أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما خَلَقَ اللهُ مِنْ شَيْءٍ وَأَنْ عَسى أَنْ يَكُونَ قَدِ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ (١٨٥) مَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَلا هادِيَ لَهُ وَيَذَرُهُمْ فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ (١٨٦) يَسْئَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْساها قُلْ إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ رَبِّي لا يُجَلِّيها لِوَقْتِها إِلاَّ هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ لا تَأْتِيكُمْ إِلاَّ بَغْتَةً يَسْئَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْها قُلْ إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ اللهِ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ (١٨٧))
قوله تعالى : (أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا ما بِصاحِبِهِمْ مِنْ جِنَّةٍ).
[٩٥٧] قال قتادة : ذكر لنا أن النبيّ صلىاللهعليهوسلم قام على الصفا ليلا فجعل يدعو قريشا فخذا فخذا : يا بني فلان يا بني فلان ، يحذّرهم بأس الله ووقائعه ، فقال قائلهم : إن صاحبكم هذا لمجنون بات يصوّت إلى الصباح ، فأنزل الله تعالى : (أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا ما بِصاحِبِهِمْ) ، محمد صلىاللهعليهوسلم : (مِنْ جِنَّةٍ) جنون ، (إِنْ هُوَ) ، ما هو ، (إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ) ، ثم حثّهم على النظر المؤدّي إلى العلم فقال :
(أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما خَلَقَ اللهُ) ، فيهما ، (مِنْ شَيْءٍ) ، أي : وينظروا إلى ما خلق الله فيهما من شيء ليستدلوا بها على وحدانيّته. (وَأَنْ عَسى أَنْ يَكُونَ قَدِ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ) ، أي : لعلّ أن يكون قد اقترب أجلهم فيموتوا قبل أن يؤمنوا ويصيروا إلى العذاب ، (فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ) ، أي : بعد القرآن يؤمنون ، يقول : بأي كتاب غير ما جاء به محمد صلىاللهعليهوسلم يصدّقون ، وليس بعده نبيّ ولا كتاب ، ثم ذكر علّة إعراضهم عن الإيمان فقال :
__________________
[٩٥٧] ـ ضعيف جدا بهذا اللفظ ، أخرجه الطبري ١٥٤٧٢ عن قتادة مرسلا ومع إرساله ذكره قتادة بصيغة التمريض ، وحديث وقوفه صلىاللهعليهوسلم على الصفا في الصحيح والوهن في هذا الخبر ذكر نزول الآية ، وأنكر من ذلك قوله : «حتى الصباح» فهذا باطل لأنه صلىاللهعليهوسلم إنما نادى الناس ، فاجتمعوا فلما سمعوا ما يدعوهم إليه قال أبو لهب ما قال ، فتفرق الناس.
__________________
(١) في المخطوط «يندرج».
(٢) زيادة عن المخطوط.