[٩٥١] وقال عبد الله بن عمرو بن العاص وسعيد بن المسيّب وزيد بن أسلم وليث بن سعد : نزلت هذه الآية في أميّة بن أبي الصلت الثقفي ، وكانت قصته : أنه كان قد قرأ الكتب وعلم أن الله مرسل رسولا فرجا أن يكون هو ذلك الرسول ، فلمّا أرسل [الله](١) محمدا صلىاللهعليهوسلم حسده وكفر به ، وكان صاحب حكمة وموعظة حسنة ، وكان قصد بعض الملوك فلما رجع مرّ على قتلى بدر ، فسأل عنهم فقيل : قتلهم محمد ، فقال : لو كان نبيّا ما قتل أقرباءه ، فلما مات أمية أتت أخته فارعة إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فسألها رسول الله صلىاللهعليهوسلم عن وفاة أخيها فقالت : بينما هو راقد أتاه آتيان فكشفا سقف البيت ، فنزلا فقعد أحدهما عند رجليه والآخر عند رأسه ، فقال الذي عند رجليه للذي عند رأسه : أوعى؟ قال : أزكى؟ قال : أبي ، قالت : فسألته عن ذلك ، فقال : خير أريد بي ، فصرف عني فغشي عليه ، فلما أفاق قال شعرا :
كل عيش وإن تطاول دهرا |
|
صائر مرة إلى أن يزولا |
ليتني كنت قبل ما قد بدا لي |
|
في قلال الجبال أرعى الوعولا |
إنّ يوم الحساب يوم عظيم |
|
شاب فيه الصغير يوما ثقيلا |
ثم قال لها رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «أنشديني من شعر أخيك» ، فأنشدته بعض قصائده ، فقال لها رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «آمن شعره وكفر قلبه» ، فأنزل الله عزوجل : (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْناهُ آياتِنا فَانْسَلَخَ مِنْها) الآية.
وفي رواية عن ابن عباس : أنها نزلت في البسوس ، رجل من بني إسرائيل وكان قد أعطي له ثلاث دعوات مستجابات ، وكان له امرأة له منها الأولاد (٢) ، فقالت : اجعل لي منها دعوة ، فقال : لك منها واحدة فما تريدين؟ قالت : ادع الله أن يجعلني أجمل امرأة في بني إسرائيل ، فدعا لها فجعلت أجمل النساء في بني إسرائيل ، فلما علمت أنه ليس فيهم مثلها رغبت عنه فغضب الزوج ودعا عليها فصارت كلبة نباحة ، فذهب فيها دعوتان ، فجاء بنوها وقالوا : ليس لنا على هذا قرار ، قد صارت أمّنا كلبة نباحة
__________________
[٩٥١] ـ هو منتزع من أحاديث متعددة. فقوله «نزلت هذه الآية في أمية بن أبي الصلت الثقفي» أخرجه النسائي في «التفسير» ٢١٢ و ٢١٤ والطبري ١٥٤١٣ ، ١٥٤١٨ من حديث عمرو بن العاص.
وذكره الواحدي في «أسبابه» ٤٥٦ عن ابن عمرو ، وزيد بن أسلم بدون إسناد إلى قوله : «فلما أرسل محمدا صلىاللهعليهوسلم حسده وكفر به».
وانظر «دلائل النبوة» (٢ / ١١٦ ، ١١٧) للبيهقي.
ووسط الحديث أخرجه ابن عساكر كما في «الدر» (٣ / ٢٦٦) عن سعيد بن المسيب مرسلا دون ذكر شعر أمية وكيف توفي.
وقوله : «آمن شعره وكفر قلبه» شاهد من حديث أبي هريرة قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «أصدق كلمة قالها الشاعر كلمة لبيد : ألا كل شيء ما خلا الله باطل. وكاد أمية بن أبي الصلت أن يسلم».
أخرجه مسلم ٢٢٥٦ والترمذي ٢٨٥٣ وفي «الشمائل» ٢٤٢ وابن ماجه ٣٧٥٧.
وله شاهد آخر من حديث عمرو بن الشريد عن أبيه قال : «ردفت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يوما فقال : هل معك من شعر أمية بن أبي الصلت شيئا؟ قلت : نعم. قال : هيه فأنشدته بيتا فقال : هيه. ثم أنشدته بيتا فقال : هيه. حتى أنشدته مائة بيت. وقال : إن كاد ليسلم» وفي رواية «فلقد كاد يسلم في شعره».
أخرجه مسلم ٢٢٥٥ والبخاري في «الأدب المفرد» ٨٦٩.
__________________
(١) زيادة عن المخطوط.
(٢) في المطبوع وط «ولد».