شعيب عليهالسلام يوم الظلة كلمن ، فلما هلك قامت ابنته تبكيه : (١)
كلمن قد هدّ ركني |
|
هلكه وسط المحلة |
سيد القوم أتاه |
|
هلك نارا تحت ظله |
جعلت نارا عليهم |
|
دارهم كالمضمحلة |
وقوله تعالى : (الَّذِينَ كَذَّبُوا شُعَيْباً كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا) ، أي : لم يقيموا ولم ينزلوا فيها ، من قولهم : غنيت (٢) بالمكان إذا قمت به ، والمغاني المنازل واحدها مغنى ، وقيل : كأن لم يتنعموا فيها. (الَّذِينَ كَذَّبُوا شُعَيْباً كانُوا هُمُ الْخاسِرِينَ) ، لا المؤمنين كما زعموا.
(فَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقالَ يا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسالاتِ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ فَكَيْفَ آسى عَلى قَوْمٍ كافِرِينَ (٩٣) وَما أَرْسَلْنا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَبِيٍّ إِلاَّ أَخَذْنا أَهْلَها بِالْبَأْساءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَضَّرَّعُونَ (٩٤) ثُمَّ بَدَّلْنا مَكانَ السَّيِّئَةِ الْحَسَنَةَ حَتَّى عَفَوْا وَقالُوا قَدْ مَسَّ آباءَنَا الضَّرَّاءُ وَالسَّرَّاءُ فَأَخَذْناهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ (٩٥) وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنا عَلَيْهِمْ بَرَكاتٍ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ وَلكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْناهُمْ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ (٩٦) أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنا بَياتاً وَهُمْ نائِمُونَ (٩٧))
(فَتَوَلَّى عَنْهُمْ) ، أعرض عنهم شعيب شاخصا من بين أظهرهم حين أتاهم العذاب ، [في الأخضر. قال مجاهد : عموا عن نزول العذاب](٣) ، (وَقالَ يا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسالاتِ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ فَكَيْفَ آسى) ، أحزن ، (عَلى قَوْمٍ كافِرِينَ) ، والأسى : الحزن ، والأسى : الصبر.
قوله : (وَما أَرْسَلْنا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَبِيٍ) ، فيه إضمار ، يعني : فكذّبوه ، (إِلَّا أَخَذْنا) ، عاقبنا (أَهْلَها) ، حين لم يؤمنوا ، (بِالْبَأْساءِ وَالضَّرَّاءِ) ، قال ابن عباس (٤) : البأساء الفقر والضراء المرض ، وهذا معنى قول من قال البأساء في المال والضرّاء في النفس. وقيل : البأساء البؤس وضيق العيش ، والضراء الضر وسوء الحال. وقيل : البأساء في الحرب (٥) والضراء في الجدب ، (لَعَلَّهُمْ يَضَّرَّعُونَ) ، لكي يتضرّعوا فيتوبوا.
(ثُمَّ بَدَّلْنا مَكانَ السَّيِّئَةِ الْحَسَنَةَ) ، يعني : النعمة والسعة والخصب والصحة ، (حَتَّى عَفَوْا) ، أي : كثروا وازدادوا ، أو كثرت أموالهم ، يقال : عفا الشعر إذا كثر. قال مجاهد : كثرت أموالهم وأولادهم ، (وَقالُوا) ، من غرّتهم وغفلتهم بعد ما صاروا إلى الرخاء ، (قَدْ مَسَّ آباءَنَا الضَّرَّاءُ وَالسَّرَّاءُ) ، أي : هكذا كانت عادة الدهر قديما لنا ولآبائنا ولم يكن ما مسّنا من الضراء عقوبة من الله ، فكونوا على ما أنتم عليه كما كان آباؤكم فإنهم لم يتركوا دينهم لما أصابهم من الضراء ، قال الله تعالى عزوجل : (فَأَخَذْناهُمْ بَغْتَةً) ، فجأة آمن ما كانوا (وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ) ، بنزول العذاب.
(وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنا عَلَيْهِمْ بَرَكاتٍ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ) ، يعني : المطر من السماء والنبات من الأرض. وأصل البركة : المواظبة على الشيء ، أي : تابعنا عليهم المطر والنبات ورفعنا عنهم
__________________
(١) في المخطوطتين «تبكية».
(٢) تصحف في المطبوع «عنيت».
(٣) زيادة عن المخطوطتين.
(٤) كذا في المخطوطتين ، وفي المطبوع وط «مسعود».
(٥) في المطبوع «الحزن».