القحط والجدب ، (وَلكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْناهُمْ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ) ، من الأعمال الخبيثة.
(أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرى) ، الذين كفروا وكذّبوا [بآياتنا](١) ، يعني : مكة وما حولها ، (أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنا) ، عذابنا ، (بَياتاً) ، ليلا ، (وَهُمْ نائِمُونَ).
(أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ (٩٨) أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللهِ فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْخاسِرُونَ (٩٩) أَوَلَمْ يَهْدِ لِلَّذِينَ يَرِثُونَ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِ أَهْلِها أَنْ لَوْ نَشاءُ أَصَبْناهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَنَطْبَعُ عَلى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا يَسْمَعُونَ (١٠٠) تِلْكَ الْقُرى نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبائِها وَلَقَدْ جاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ فَما كانُوا لِيُؤْمِنُوا بِما كَذَّبُوا مِنْ قَبْلُ كَذلِكَ يَطْبَعُ اللهُ عَلى قُلُوبِ الْكافِرِينَ (١٠١))
(أَوَأَمِنَ) ، قرأ أهل الحجاز والشام : (أَوَأَمِنَ) بسكون الواو ، والباقون بفتحها ، (أَهْلُ الْقُرى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنا ضُحًى) ، أي : نهارا ، والضحى : صدر النهار ، وقت انبساط الشمس ، (وَهُمْ يَلْعَبُونَ) ، ساهون لاهون.
(أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللهِ فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخاسِرُونَ (٩٩)) ، ومكر الله استدراجه إيّاهم بما أنعم عليهم في دنياهم. وقال عطية : يعني أخذه وعذابه.
(أَوَلَمْ يَهْدِ) ، قرأ قتادة ويعقوب : نهد بالنون على التعظيم ، والباقون بالياء على التفريد ، يعني : أو لم يتبين ، (لِلَّذِينَ يَرِثُونَ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِ) ، هلاك (أَهْلِها) ، الذين كانوا فيها ، (أَنْ لَوْ نَشاءُ أَصَبْناهُمْ) ، أخذناهم وعاقبناهم ، (بِذُنُوبِهِمْ) كما عاقبنا من قبلهم ، (وَنَطْبَعُ) ، نختم ، (عَلى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا يَسْمَعُونَ) ، الإيمان ولا يقبلون الموعظة ، قال الزجاج : قوله (وَنَطْبَعُ) منقطع عمّا قبله لأن قوله : (أَصَبْناهُمْ) ماض و (وَنَطْبَعُ) مستقبل.
(تِلْكَ الْقُرى) ، أي : هذه القرى التي (٢) ذكرت لك أمرها وأمر أهلها ، يعني قرى قوم نوح وعاد وثمود وقوم لوط وشعيب. (نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبائِها) ، أخبارها لما فيها من الاعتبار ، (وَلَقَدْ جاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ) ، بالآيات والمعجزات والعجائب ، (فَما كانُوا لِيُؤْمِنُوا بِما كَذَّبُوا مِنْ قَبْلُ) ، أي : فما كانوا ليؤمنوا بعد رؤية المعجزات والعجائب ، بما كذبوا من قبل رؤيتهم تلك العجائب ، نظيره قوله عزوجل : (قَدْ سَأَلَها قَوْمٌ مِنْ قَبْلِكُمْ ثُمَّ أَصْبَحُوا بِها كافِرِينَ (١٠٢)) [المائدة : ١٠٢]. قال ابن عباس والسدي : يعني فما كان هؤلاء الكفار الذين أهلكناهم ليؤمنوا عند إرسال الرسل بما كذبوا من قبل يوم أخذ ميثاقهم حين أخرجهم من ظهر آدم ، فأقرّوا باللّسان وأضمروا التكذيب. وقال مجاهد : معناه فما كانوا لو أحييناهم بعد إهلاكهم ليؤمنوا بما كذّبوا به من قبل هلاكهم ؛ لقوله عزوجل : (وَلَوْ رُدُّوا لَعادُوا لِما نُهُوا عَنْهُ) [الأنعام : ٢٨]. قال يمان بن رباب : هذا على معنى أن كل نبيّ أنذر قومه بالعذاب فكذّبوه ، يقول : ما كانوا ليؤمنوا بما كذّب به أوائلهم من الأمم الخالية ، بل كذبوا بما كذب أوائلهم ، نظيره قوله عزوجل : (كَذلِكَ ما أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا قالُوا ساحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ (٥٢)) [الذاريات : ٥٢]. (كَذلِكَ يَطْبَعُ اللهُ عَلى قُلُوبِ الْكافِرِينَ) ، أي : كما طبع الله على قلوب الأمم الخالية [التي](٣) أهلكهم كذلك يطبع الله على
__________________
(١) زيادة عن المخطوط.
(٢) في المخطوط «الذي».
(٣) سقط من المطبوع.