وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْباطِ وَعِيسى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهارُونَ وَسُلَيْمانَ وَآتَيْنا داوُدَ زَبُوراً (١٦٣))
قوله تعالى : (إِنَّا أَوْحَيْنا إِلَيْكَ) هذا بناء على ما سبق من قوله [تعالى](١)(يَسْئَلُكَ أَهْلُ الْكِتابِ أَنْ تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتاباً مِنَ السَّماءِ) [النساء : ١٥٣] ، فلمّا ذكر الله عيوبهم وذنوبهم غضبوا وجحدوا كل ما أنزل الله عزوجل ، وقالوا : ما أنزل الله على بشر من شيء ، فنزل : (وَما قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قالُوا ما أَنْزَلَ اللهُ عَلى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ) [الأنعام : ٩١] وأنزل : (إِنَّا أَوْحَيْنا إِلَيْكَ) ، (كَما أَوْحَيْنا إِلى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ) فذكر عدّة من الرسل الذين أوحى إليهم ، وبدأ بذكر نوح عليهالسلام لأنه كان أبا البشر مثل آدم عليهالسلام ، قال الله تعالى : (وَجَعَلْنا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الْباقِينَ (٧٧)) [الصافات : ٧٧] ولأنه أول نبي من أنبياء الشريعة ، وأول نذير على الشرك ، وأول من عذبت أمته لردّهم دعوته ، وأهلك أهل الأرض بدعائه وكان أطول الأنبياء عمرا وجعلت معجزاته في نفسه ، لأنه عمّر ألف سنة فلم تسقط له سن ولم تشب له شعرة ولم تنتقص له قوّة ، ولم يصبر نبي على أذى قومه ما صبر هو على طول عمره. قوله تعالى : (وَأَوْحَيْنا إِلى إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْباطِ) ، وهم أولاد يعقوب ، (وَعِيسى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهارُونَ وَسُلَيْمانَ وَآتَيْنا داوُدَ زَبُوراً) ، قرأ الأعمش وحمزة «زبورا» والزّبور بضم الزاي حيث كان ، بمعنى : جمع زبور ، أي آتينا داود كتبا وصحفا مزبورة ، أي مكتوبة ، وقرأ الآخرون بفتح الزاي وهو اسم الكتاب الذي أنزل الله تعالى على داود عليهالسلام ، وكان فيه التحميد والتمجيد والثناء على الله عزوجل ، وكان داود يبرز إلى البريّة فيقوم ويقرأ الزّبور ويقوم معه علماء بني إسرائيل ، فيقومون خلفه ويقوم الناس خلف العلماء ، ويقوم الجنّ خلف الناس ، الأعظم فالأعظم ، والشياطين خلف الجن وتجيء الدواب التي في الجبال فيقمن بين يديه تعجبا لما يسمعن منه ، والطير ترفرف على رءوسهم ، فلما قارف الذنب لم ير ذلك ، ونفروا من حوله ، فقيل له ذاك أنس الطاعة ، وهذه وحشة المعصية.
[٧٣١] أخبرنا أبو سعيد الشريحي أخبرنا أبو إسحاق الثعلبي أنا أبو بكر الجوزقي أنا أبو العباس الرعوف أنا يحيى بن زكريا أنا الحسين بن حماد [حدثنا يحيى](١) بن سعيد الأموي عن طلحة بن يحيى عن أبي بردة بن أبي موسى عن أبيه قال :
قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «لو رأيتني البارحة وأنا أستمع لقراءتك ولقد أعطيت مزمارا من مزامير آل داود» ، فقال : أما والله يا رسول الله لو علمت أنّك تستمع لحبرته [لك](٢) تحبيرا.
وكان عمر رضي الله عنه إذا رآه يقول ذكّرنا يا أبا موسى فيقرأ عنده (٢).
__________________
(١) ما بين المعقوفتين سقط من الأصل واستدرك من «ط» ومن كتب التخريج.
[٧٣١] ـ صحيح ، الحسن بن حماد هو الضبي ، ثقة ، وقد توبع هو ومن دونه ، ومن فوقه رجال البخاري ومسلم ، يحيى بن زكريا هو السّجزي.
ـ وأخرجه مسلم ٧٩٣ ح ٢٣٦ وابن حبان ٧١٩٧ والبيهقي ١٠ / ٢٣٠ ـ ٢٣١ من طريق يحيى بن سعيد بهذا الإسناد.
ـ وأخرجه البخاري ٥٠٤٨ والترمذي ٣٨٥٥ من طريق أبي يحيى الحماني ، عن بريد بن عبد الله ، عن أبي بردة به.
ـ وأخرجه الحاكم ٣ / ٤٦٦ من طريق خالد بن نافع الأشعري ، عن سعيد بن أبي بردة ، عن أبي بردة ، عن أبي موسى ، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي.
(٢) انظر «طبقات ابن سعد» (٤ / ١٠٩) و «سنن الدارمي» (٢ / ٤٧٢)
__________________
(١) زيادة عن المخطوط.
(٢) زيادة عن المخطوط.