(يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ) فوعده وتمنيته ما يوقع (١) في قلب الإنسان من طول العمر ونيل الدنيا ، وقد يكون بالتخويف بالفقر فيمنعه من الإنفاق وصلة الرحم كما قال الله تعالى : (الشَّيْطانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ) [البقرة : ٢٦٨] ويمنّيهم بأن لا بعث ولا جنّة ولا نار (وَما يَعِدُهُمُ الشَّيْطانُ إِلَّا غُرُوراً) ، أي : باطلا.
(أُولئِكَ مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَلا يَجِدُونَ عَنْها مَحِيصاً (١٢١)) ، أي : مفرّا ومعدلا عنها.
قوله تعالى : (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ) ، أي : من تحت الغرف والمساكن ، (خالِدِينَ فِيها أَبَداً وَعْدَ اللهِ حَقًّا وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللهِ قِيلاً).
قوله تعالى : (لَيْسَ بِأَمانِيِّكُمْ وَلا أَمانِيِّ أَهْلِ الْكِتابِ) ، الآية. قال مسروق وقتادة والضحاك : أراد ليس أمانيكم أيها المسلمون ولا أماني أهل الكتاب [يعني اليهود والنصارى ، وذلك أنّهم افتخروا ، فقال أهل الكتاب](٢) نبيّنا قبل نبيّكم وكتابنا قبل كتابكم فنحن أولى بالله منكم ، وقال المسلمون : نبيّنا خاتم الأنبياء وكتابنا يقضي على الكتب ، وقد آمنا بكتابكم ولم تؤمنوا بكتابنا فنحن أولى ، وقال مجاهد : أراد بقوله (لَيْسَ بِأَمانِيِّكُمْ) يا مشركي أهل الكتاب ، وذلك أنهم قالوا : لا بعث ولا حساب ، وقال أهل الكتاب : (لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّاماً مَعْدُودَةً) [البقرة : ٨٠] ، (لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كانَ هُوداً أَوْ نَصارى) [البقرة : ١١١] ، فأنزل الله تعالى : (لَيْسَ بِأَمانِيِّكُمْ) أي : ليس الأمر بالأماني وإنّما الأمر بالعمل الصالح ، (مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ) ، قال ابن عباس وسعيد بن جبير وجماعة : الآية عامة في حق كل عامل.
ع [٧١٧] وقال الكلبي عن أبي صالح ، عن ابن عباس رضي الله عنهما : لمّا نزلت هذه الآية شقّت على المسلمين وقالوا : يا رسول الله وأيّنا لم يعمل سوءا غيرك فكيف الجزاء؟ قال : «منه ما يكون في الدنيا ، فمن يعمل حسنة فله عشر حسنات ، ومن جوزي بالسيّئة ، نقصت واحدة من عشر (٣) وبقيت له تسع حسنات ، فويل لمن غلب (٤) آحاده أعشاره ، وأمّا [ما كان جزاء](٥) في الآخرة فيقابل بين حسناته وسيئاته ، فيلقى مكان كل سيئة حسنة وينظر في الفضل ، فيعطي الجزاء في الجنة فيؤتي كلّ ذي فضل فضله».
[٧١٨] أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي ثنا أبو بكر محمد بن أحمد العبدوسي (١) ثنا أبو بكر أحمد بن
__________________
ع [٧١٧] ـ باطل. عزاه المصنف للكلبي عن أبي صالح ، عن ابن عباس وهذا إسناد ساقط ، الكلبي هو محمد بن السائب متروك كذاب وقد أقرّ أنه كان يكذب على ابن عباس. وأبو صالح ، اسمه باذان قيل : لم يلق ابن عباس ، وقد أقرّ أيضا أنه كان يكذب على ابن عباس. راجع ترجمتهما في «الميزان» ، وتقدم عن ابن عباس وسعيد بن جبير وجماعة أن الآية عامة ، وهو الصواب إن شاء الله ، والله تعالى أعلم.
[٧١٨] ـ إسناده ضعيف ، فيه موسى بن عبيدة ، وهو ضعيف ، وكذا فيه مولى ابن سبّاع ، وهو مجهول.
ـ وهو في «شرح السنة» (١٤٣٣) بهذا الإسناد.
ـ وأخرجه الترمذي ٣٠٤٢ وأبو يعلى ٢١ من طريق روح بن عبادة بهذا الإسناد.
وقال الترمذي : هذا حديث غريب ، وفي إسناده مقال. وموسى بن عبيدة يضعف في الحديث ، ضعفه يحيى بن سعيد ، وأحمد بن حنبل. ومولى ابن سباع مجهول ، وقد روي من غير هذا الوجه ، عن أبي بكر ، وليس له إسناد صحيح أيضا.
وفي الباب عن عائشة ا ه.
(١) في الأصل «العدوسي» والتصويب عن «ط» وعن «شرح السنة».
__________________
(١) في المطبوع «ما يوقعه».
(٢) سقط من المخطوط.
(٣) كذا في المطبوع و ـ ط ، وفي المخطوط «عشرة».
(٤) في المطبوع و ـ ط «غلبت».
(٥) العبارة في المطبوع «من يكون جزاؤه».