أي : شركا أو يظلم نفسه : يعني : إثما دون الشّرك ، (ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللهَ) ، أي : يتب إليه ويستغفره ، (يَجِدِ اللهَ غَفُوراً رَحِيماً) ، يعرض التوبة على طعمة في هذه الآية.
(وَمَنْ يَكْسِبْ إِثْماً فَإِنَّما يَكْسِبُهُ عَلى نَفْسِهِ وَكانَ اللهُ عَلِيماً حَكِيماً (١١١) وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْماً ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئاً فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتاناً وَإِثْماً مُبِيناً (١١٢) وَلَوْ لا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ لَهَمَّتْ طائِفَةٌ مِنْهُمْ أَنْ يُضِلُّوكَ وَما يُضِلُّونَ إِلاَّ أَنْفُسَهُمْ وَما يَضُرُّونَكَ مِنْ شَيْءٍ وَأَنْزَلَ اللهُ عَلَيْكَ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ ما لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكانَ فَضْلُ اللهِ عَلَيْكَ عَظِيماً (١١٣) لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْواهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً (١١٤))
(وَمَنْ يَكْسِبْ إِثْماً) ، يعني : يمين طعمة بالباطل ، أي : ما سرقته إنّما سرقه اليهودي (١)(فَإِنَّما يَكْسِبُهُ عَلى نَفْسِهِ) ، فإنما يضرّ به نفسه ، (وَكانَ اللهُ عَلِيماً) ، بسارق الدرع (حَكِيماً) ، حكم بالقطع على السارق.
(وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً) أي : سرقة الدرع ، (أَوْ إِثْماً) يمينه (٢) الكاذبة ، (ثُمَّ يَرْمِ بِهِ) أي : يقذف بما جنى (بَرِيئاً) منه وهو نسبة السرقة إلى اليهودي (٣)(فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتاناً) البهتان : هو البهت ، وهو الكذب الذي يتحيّر في عظمه ، (وَإِثْماً مُبِيناً) أي : ذنبا بينا ، وقوله (ثُمَّ يَرْمِ بِهِ) ولم يقل بهما بعد ذكر الخطيئة والإثم ، ردّ الكناية إلى الإثم وجعل الخطيئة والإثم كالشيء الواحد.
قوله تعالى : (وَلَوْ لا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ) ، يقول للنبي صلىاللهعليهوسلم : (لَهَمَّتْ) ، لقد همّت أي : أضمرت ، (طائِفَةٌ مِنْهُمْ) ، يعني : قوم طعمة ، (أَنْ يُضِلُّوكَ) يخطئوك في الحكم ويلبسوا عليك الأمر حتى تدافع عن طعمة ، (وَما يُضِلُّونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ) ، يعني يرجع وباله عليهم (٤) ، و (ما يَضُرُّونَكَ مِنْ شَيْءٍ) ، يريد أن ضرره يرجع إليهم (٥) ، (وَأَنْزَلَ اللهُ عَلَيْكَ الْكِتابَ) ، يعني : القرآن ، (وَالْحِكْمَةَ) ، يعني : القضاء بالوحي (وَعَلَّمَكَ ما لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ) من الأحكام ، وقيل : من علم الغيب ، (وَكانَ فَضْلُ اللهِ عَلَيْكَ عَظِيماً).
قوله تعالى : (لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْواهُمْ) ، يعني : قوم طعمة ، وقال مجاهد : الآية عامة في حق جميع الناس ، والنّجوى : هي الإسرار في التدبير ، وقيل : النجوى ما ينفرد بتدبيره قوم سرّا كان أو جهرا فمعنى الآية : لا خير في كثير مما يدبرونه بينهم ، (إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ) أي : إلا في نجوى من أمر بصدقة ، فالنجوى يكون متصلا (٦). وقيل : هو استثناء منقطع ، يعني : لكن أمر بصدقة. قيل : النجوى هاهنا : الرجال المتناجون كما قال الله تعالى : (وَإِذْ هُمْ نَجْوى) [الإسراء : ٤٧](إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ) أي : حث عليها (أَوْ مَعْرُوفٍ) أي : بطاعة الله وما يعرفه الشرع ؛ وأعمال البرّ كلّها معروف ، لأن العقول تعرفها ، (أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ).
__________________
(١) في المطبوع «اليهود».
(٢) في المطبوع «بيمينه».
(٣) في المطبوع «اليهود».
(٤) في المطبوع «عليها».
(٥) في المخطوط وحده «عليهم».
(٦) في المخطوط و ـ ط «فعلا» وهو خطأ.