تَهِنُوا فِي ابْتِغاءِ الْقَوْمِ) أي : [لا](١) تضعفوا في ابتغاء القوم في طلب القوم أبي سفيان وأصحابه ، (إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ) ، تتوجّعون من الجراح ، (فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ) ، أي : يتوجّعون ، يعني الكفار ، (كَما تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللهِ ما لا يَرْجُونَ) ، أي : وأنتم مع ذلك تأملون من الأجر والثواب في الآخرة والنصر في الدنيا ما لا يرجون ، وقال بعض المفسرين : المراد بالرجاء الخوف ، لأن كل راج خائف أن لا يدركه مأموله ، ومعنى الآية : وترجون [من الله ، أي : تخافون من الله](٢) أي : تخافون من عذاب الله ما لا يخافون ، قال الفراء رحمهالله : ولا يكون الرجاء بمعنى الخوف إلا مع الجدّ ، كقوله تعالى : (قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللهِ) [الجاثية : ١٤] أي : لا يخافون (٣) ، وقال تعالى : (ما لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقاراً (١٣)) [نوح : ١٣] أي : لا تخافون لله عظمة (٤) ، ولا يجوز رجوتك بمعنى : خفتك ، ولا خفتك وأنت تريد رجوتك (وَكانَ اللهُ عَلِيماً حَكِيماً).
(إِنَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِما أَراكَ اللهُ وَلا تَكُنْ لِلْخائِنِينَ خَصِيماً (١٠٥) وَاسْتَغْفِرِ اللهَ إِنَّ اللهَ كانَ غَفُوراً رَحِيماً (١٠٦))
قوله تعالى : (إِنَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِما أَراكَ اللهُ) الآية :
ع [٧١٣] روى الكلبي ، عن أبي صالح ، عن ابن عباس قال : نزلت هذه الآية في رجل من الأنصار يقال له طعمة بن أبيرق من بني ظفر بن الحارث سرق درعا من جار له يقال له قتادة بن النعمان ، وكانت الدرع في جراب له فيه دقيق فجعل الدقيق ينتثر من خرق في الجراب حتى انتهى إلى الدار ، ثم خبأها عند رجل من اليهود ، يقال له زيد بن السمين ، فالتمست الدرع عند طعمة فحلف بالله ما أخذها وما له بها من علم ، فقال أصحاب الدرع : لقد رأينا أثر الدقيق حتى (٥) دخل داره ، فلما حلف تركوه واتبعوا أثر الدقيق إلى منزل اليهودي فأخذوه منه ، فقال اليهودي دفعها إليّ طعمة بن أبيرق ، فجاء بنو ظفر وهم قوم طعمة إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم وسألوه أن يجادل عن صاحبهم ، وقالوا له : إنك إن لم تفعل افتضح صاحبنا ، فهمّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم أن يعاقب اليهودي.
ويروى عن ابن عباس رضي الله عنهما في (١) رواية أخرى : أن طعمة سرق الدرع في جراب فيه نخالة فخرق الجراب حتى كان يتناثر منه النخالة طول الطريق فجاء به إلى دار زيد السمين وتركه على بابه ،
__________________
ع [٧١٣] ـ ذكره الواحدي في «أسباب النزول» (٣٦١) بدون إسناد.
وقال الحافظ في «تخريج الكشاف» (١ / ٥٦١) : ذكره الثعلبي من رواية أبي صالح ، عن الكلبي ، عن ابن عباس ، ونقله الواحدي عن المفسرين في «الأسباب» .... ا ه. وانظر «أسباب النزول» (٣٧٣ و ٣٧٤) للسيوطي.
ـ وأخرجه الطبري ١٠٤١٧ من رواية سعيد ، عن قتادة مرسلا مع اختلاف يسير. ويشهد لهذا الخبر ما أخرجه الترمذي ٣٠٣٦ والحاكم ٤ / ٣٨٥ والطبري ١٠٤١٦ من حديث ابن عباس صححه الحاكم ، ووافقه الذهبي ، وقال الترمذي : هذا حديث غريب. وله طرق وشواهد أخرى ، راجع «أحكام القرآن» (٥٦٧) بتخريجي ، والله أعلم.
(١) انظر ما قبله.
__________________
(١) سقط من المطبوع.
(٢) زيد في المطبوع و ـ ط.
(٣) في المطبوع «يخافونه».
(٤) في المطبوع و ـ ط «عظمته».
(٥) في المطبوع «حين».