ع [٦٧٩] أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم وادع هلال بن عويمر الأسلمي قبل خروجه إلى مكة على أن لا يعينه ولا يعين عليه ، ومن وصل إلى هلال من قومه وغيرهم ولجأ إليه فلهم من الجوار مثل ما لهلال (١).
وقال الضّحاك ، عن ابن عباس : أراد بالقوم الذين بينكم وبينهم ميثاق بني بكر بن زيد بن مناة كانوا في الصلح والهدنة ، وقال مقاتل : هم خزاعة ، وقوله : (أَوْ جاؤُكُمْ) أي : يتصلون بقوم جاءوكم ، (حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ) أي : ضاقت صدورهم ، قرأ الحسن ويعقوب (حصرة) منصوبة منونة أي : ضيقة صدورهم ، يعني القوم الذين جاءوكم وهم بنو مدلج ، كانوا عاهدوا (١) أن لا يقاتلوا المسلمين وعاهدوا قريشا أن لا يقاتلوهم ، حصرت : ضاقت صدورهم ، (أَنْ يُقاتِلُوكُمْ) أي : عن قتالكم للعهد الذي بينكم (أَوْ يُقاتِلُوا قَوْمَهُمْ) ، يعني : من أمن منهم ، ويجوز أن يكون معناه أنهم لا يقاتلونكم مع قومهم ولا يقاتلون قومهم معكم ، يعني قريشا قد ضاقت صدورهم لذلك ، وقال بعضهم : أو بمعنى الواو ، كأنه يقول : إلى قوم بينكم وبينهم ميثاق أو جاءوكم حصرت صدورهم ، [أو : قد](٢) حصرت صدورهم عن قتالكم (٣) والقتال معكم ، وهم قوم هلال الأسلميون وبنو بكر ، نهى الله سبحانه عن قتال هؤلاء المرتدين إذا اتصلوا بأهل عهد للمسلمين ، لأنّ من انضم إلى قوم ذوي عهد فله حكمهم في حقن الدم. قوله تعالى : (وَلَوْ شاءَ اللهُ لَسَلَّطَهُمْ عَلَيْكُمْ فَلَقاتَلُوكُمْ) ، يذكر منّته على المسلمين بكفّ بأس المعاهدين ، يقول : إن ضيق صدورهم عن قتالكم لما ألقى الله في قلوبهم من الرعب وكفهم عن قتالكم ، ولو شاء الله لسلّطهم عليكم فلقاتلوكم مع قومهم ، (فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ) أي : اعتزلوا قتالكم ، (فَلَمْ يُقاتِلُوكُمْ) ، ومن اتصل بهم ، ويقال : يوم فتح مكة يقاتلوكم مع قومهم ، (وَأَلْقَوْا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ) ، أي : الصلح فانقادوا واستسلموا (فَما جَعَلَ اللهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلاً) أي : طريقا بالقتل والقتال.
(سَتَجِدُونَ آخَرِينَ يُرِيدُونَ أَنْ يَأْمَنُوكُمْ وَيَأْمَنُوا قَوْمَهُمْ كُلَّما رُدُّوا إِلَى الْفِتْنَةِ أُرْكِسُوا فِيها فَإِنْ لَمْ يَعْتَزِلُوكُمْ وَيُلْقُوا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ وَيَكُفُّوا أَيْدِيَهُمْ فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأُولئِكُمْ جَعَلْنا لَكُمْ عَلَيْهِمْ سُلْطاناً مُبِيناً (٩١))
قوله تعالى : (سَتَجِدُونَ آخَرِينَ) قال الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس رضي الله عنهما : هم أسد وغطفان كانوا حاضري المدينة تكلموا بالإسلام رياء وهم غير مسلمين ، وكان الرجل منهم يقول له قومه : بما ذا أسلمت؟ فيقول آمنت بهذا القرد وبهذا العقرب والخنفساء ، وإذا لقوا أصحاب النبي صلىاللهعليهوسلم قالوا : إنّا على دينكم ، يريدون بذلك الأمن في الفريقين ، وقال الضحاك عن ابن عباس : هم بنو عبد الدار وكانوا بهذه الصفة ، (يُرِيدُونَ أَنْ يَأْمَنُوكُمْ) ، فلا تتعرضوا لهم ، (وَيَأْمَنُوا قَوْمَهُمْ) ، فلا يتعرضوا لهم ، (كُلَّما رُدُّوا إِلَى الْفِتْنَةِ) أي : دعوا إلى الشرك ، (أُرْكِسُوا فِيها) أي : رجعوا وعادوا إلى الشرك ، (فَإِنْ لَمْ يَعْتَزِلُوكُمْ) أي : فإن لم يكفّوا عن قتالكم حتى تسيروا إلى مكة ، (وَيُلْقُوا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ) أي : المفاداة (٤) والصلح ، (وَيَكُفُّوا أَيْدِيَهُمْ) [أي](٥) ، ولم يقبضوا أيديهم عن قتالكم ، (فَخُذُوهُمْ) ، أسراء ، (وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ) أي : وجدتموهم ، (وَأُولئِكُمْ) أي : أهل هذه الصفة ، (جَعَلْنا لَكُمْ عَلَيْهِمْ
__________________
ع [٦٧٩] ـ عزاه السيوطي في «أسباب النزول» (٣٢٩) لابن أبي حاتم عن مجاهد ، ولم أقف على إسناده ، وهو ضعيف بكل حال لإرساله.
(١) ضعيف جدا ، فهو من رواية الكلبي عن أبي صالح ، عن ابن عباس ، والكلبي متروك متهم ، وأبو صالح ، روى عن ابن عباس مناكير.
__________________
(١) زيد في المطبوع وحده «قريشا».
(٢) في المطبوع و ـ ط «أي».
(٣) في المطبوع «قتالهم».
(٤) في المطبوع «المفادة».
(٥) زيادة عن المخطوط.