أي : [ومن](١) يضلل الله عن الهدى ، (فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلاً) أي : طريقا إلى الحق.
(وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَما كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَواءً فَلا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ أَوْلِياءَ حَتَّى يُهاجِرُوا فِي سَبِيلِ اللهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَلا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ وَلِيًّا وَلا نَصِيراً (٨٩) إِلاَّ الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثاقٌ أَوْ جاؤُكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ أَنْ يُقاتِلُوكُمْ أَوْ يُقاتِلُوا قَوْمَهُمْ وَلَوْ شاءَ اللهُ لَسَلَّطَهُمْ عَلَيْكُمْ فَلَقاتَلُوكُمْ فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقاتِلُوكُمْ وَأَلْقَوْا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ فَما جَعَلَ اللهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلاً (٩٠))
قوله تعالى : (وَدُّوا) ، تمنّوا ، يعني أولئك الذين رجعوا عن الدين تمنّوا (لَوْ تَكْفُرُونَ كَما كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَواءً) ، في الكفر ، وقوله (فَتَكُونُونَ) لم يرد به جواب التمني لأن جواب التمني بالفاء منصوب ، إنّما أراد النسق ، أي : ودّوا لو تكفرون وودّوا لو تكونون سواء ، مثل قوله : (وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ (٩)) [القلم : ٩] أي : ودّوا لو تدهن وودّوا لو تدهنون ، (فَلا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ أَوْلِياءَ) ، منع من (٢) موالاتهم ، (حَتَّى يُهاجِرُوا فِي سَبِيلِ اللهِ) ، معكم ، قال عكرمة : هي هجرة أخرى ، والهجرة على ثلاثة أوجه هجرة المؤمنين في أوّل الإسلام ، وهي قوله تعالى : (لِلْفُقَراءِ الْمُهاجِرِينَ) [الحشر : ٨] وقوله : (وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهاجِراً إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ) [النساء : ١٠٠] ، ونحوهما من الآيات ، وهجرة المنافقين (٣). وهي الخروج في سبيل الله مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم صابرا محتسبا (٤) ، كما حكي هاهنا ، [وفي هذه الآية منع (٥) المؤمنين من موالاة المنافقين](٦) حتى يهاجروا في سبيل الله ، وهجرة سائر المؤمنين ما نهى الله عنه وهي :
ع [٦٧٨] ما قال النبي صلىاللهعليهوسلم : «المهاجر من هجر ما نهى الله عنه».
قوله تعالى : (فَإِنْ تَوَلَّوْا) ، أعرضوا عن التوحيد والهجرة ، (فَخُذُوهُمْ) ، أي : خذوهم أسارى ، ومنه يقال للأسير : أخيذ ، (وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ) في الحلّ والحرم ، (وَلا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ وَلِيًّا وَلا نَصِيراً) ، ثم استثنى طائفة منهم فقال :
(إِلَّا الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلى قَوْمٍ) وهذا الاستثناء يرجع إلى القتل (٧) ، لا إلى الموالاة ، لأنّ موالاة الكفار والمنافقين لا تجوز بحال ، ومعنى (يَصِلُونَ) أي : ينتسبون إليهم ويتصلون بهم ويدخلون فيهم بالحلف والجوار ، قال ابن عباس رضي الله عنهما : يريد (٨) يلجئون إلى قوم ، (بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثاقٌ) أي : عهد ، وهم الأسلميون ، وذلك :
__________________
ع [٦٧٨] ـ صحيح ، أخرجه البخاري ١٠ و ٦٤٨٤ وأبو داود ٢٤٨١ والنسائي ٨ / ١٠٥ وأحمد ٢ / ١٦٣ و ١٩٢ و ٢٠٥ و ٢١٢ والدارمي ٢ / ٣٠٠ وابن حبان ١٩٦ وابن مندة ٣٠٩ و ٣١٠ و ٣١١ و ٣١٢ والقضاعي ١٦٦ و ١٧٩ و ١٨٠ و ١٨١ والبيهقي ١٠ / ١٨٧ والبغوي ١٢ من طرق عن الشعبي ، عن عبد الله بن عمرو مرفوعا.
__________________
(١) العبارة في المطبوع «وكما كفروا».
(٢) في المطبوع «عن».
(٣) في المطبوع وحده «المؤمنين».
(٤) في المطبوع «صابرين محتسبين».
(٥) زيد في المطبوع وحده «موالاة».
(٦) ما بين المعقوفتين في المخطوط و ـ ط «منع من موالاتهم».
(٧) في المخطوط وحده «القليل».
(٨) في المطبوع «يريدون و».