بينه وبين يهودي خصومة فقال اليهودي : ننطلق إلى محمد ، وقال المنافق : بل إلى كعب بن الأشرف ، وهو الذي سماه الله الطاغوت ، فأبى اليهودي أن يخاصمه إلّا إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، [فلما رأى المنافق ذلك أتى معه إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم](١) فقضى رسول الله صلىاللهعليهوسلم لليهودي ، فلما خرجا من عنده لزمه المنافق وقال : انطلق بنا إلى عمر رضي الله عنه فأتيا عمر فقال اليهودي : اختصمت أنا وهذا إلى محمد فقضى لي عليه فلم يرض بقضائه وزعم أنه مخاصم (٢) إليك ، فقال عمر رضي الله عنه للمنافق : أكذلك؟ قال : نعم ، قال لهما : رويدكما حتى أخرج إليكما فدخل عمر البيت وأخذ السيف واشتمل عليه ثم خرج فضرب به المنافق حتى برد ، وقال : هكذا أقضي بين [من](٣) لم يرض بقضاء الله وقضاء رسوله. فنزلت هذه الآية. وقال جبريل : إن عمر رضي الله عنه فرّق بين الحق والباطل ، فسمي الفاروق.
ع [٦٥٦] وقال السدي : كان ناس من اليهود أسلموا ونافق بعضهم وكانت قريظة والنضير في الجاهلية إذا قتل رجل من بني قريظة رجلا من بني النضير قتل به أو أخذ ديته مائة وسق من تمر ، وإذا قتل رجل من بني النضير رجلا من [بني](٤) قريظة لم يقتل به وأعطي ديته ستين وسقا ، وكانت النضير وهم حلفاء الأوس أشرف وأكثر من قريظة وهم حلفاء الخزرج ، فلما جاء الله بالإسلام وهاجر النبي صلىاللهعليهوسلم إلى المدينة ، قتل رجل من النضير رجلا من قريظة فاختصموا في ذلك ، فقالت بنو النضير : كنّا وأنتم قد اصطلحنا على أن نقتل منكم ولا تقتلون منّا ، وديتكم ستون وسقا وديتنا مائة وسق ، فنحن نعطيكم ذلك ، فقال الخزرج : هذا شيء كنتم فعلتموه في الجاهلية لكثرتكم وقلّتنا فقهرتمونا ، ونحن وأنتم اليوم إخوة وديننا ودينكم واحد فلا فضل لكم علينا ، فقال المنافقون منهم : انطلقوا إلى أبي بردة الكاهن الأسلمي ، وقال المسلمون من الفريقين : لا بل إلى النبي صلىاللهعليهوسلم فأبى المنافقون وانطلقوا إلى أبي بردة ليحكم بينهم ، فقال : أعظموا اللقمة ، يعني : الخطر ، فقالوا : لك عشرة أوسق ، قال : لا بل مائة وسق ديتي ، فأبوا أن يعطوه [فوق](٥) عشرة أوسق وأبي أن يحكم بينهم ، فأنزل الله تعالى آية القصاص ، وهذه الآية : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ) يعني إلى : أبي بردة الكاهن أو كعب بن الأشرف ، (وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ
__________________
ـ وأخرجه الطبري ٩٩٠٠ عن قتادة مرسلا بنحوه دون ذكر عجزه ، أي دون ذكر عمر بن الخطاب وما قام به.
ـ وورد بنحوه عن عتبة بن ضمرة مرسلا كما في «تفسير ابن كثير» عند هذه الآية وكذا ذكره السيوطي في «الدر» (٢ / ٣٢٢) عن عتبة بن ضمرة ونسبه للحافظ دحيم في «تفسيره».
ـ وأخرجه ابن أبي حاتم وابن مردويه عن طريق ابن لهيعة ، عن أبي الأسود مرسلا كما في «الدر» (٢ / ٣٢٢) ، وقال الحافظ ابن كثير ١ / ٥٣٣ : وهذا مرسل غريب.
ـ وكذا أخرجه الحكيم الترمذي في «نوادر الأصول» عن مكحول مرسلا كما في «الدر» (٢ / ٣٢٣).
الخلاصة : أما ذكر جبريل وما قاله في عمر ، فهو باطل من وضع الكلبي ، وأما قتل عمر للمنافق ، فهو ضعيف أيضا ، وأما أصل التحاكم من غير ذكر عمر وما بعده ، فله شواهد تعضده ، راجع تفصيل ذلك في «أحكام القرآن» لابن العربي (٥١٥) بتخريجي.
ع [٦٥٦] ـ ضعيف أخرجه الطبري ٩٩٠١ عن السدي مرسلا فهو ضعيف وذكره الواحدي في «أسباب النزول» ٢٣٢ عن السدي بدون إسناد.
__________________
(١) سقط من المخطوط.
(٢) في المطبوع و ـ ط «يخاصم» والمثبت عن المخطوط ، و «أسباب النزول».
(٣) سقط من المطبوع.
(٤) زيادة عن «أسباب النزول».
(٥) في المطبوع «إلا».