الطهارة بأن يكون على بعض أعضاء طهارته جراحة لا يمكنه غسل محلها فعليه أن يتيمم بدلا عن غسله ، ولا يصح التيمم لصلاة الوقت إلا بعد دخول الوقت ، ولا يجوز أن يجمع بين فريضتين بتيمم واحد لأن الله تعالى قال : (إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ) [المائدة : ٦] إلى أن قال : (فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا) ، ظاهر الآية يدل على وجوب الوضوء أو التيمم إذا لم يجد الماء عند كل صلاة ، إلا أن الدليل قد قام في الوضوء :
ع [٦٣٠] فإن النبي صلىاللهعليهوسلم صلّى يوم فتح مكة الصلوات بوضوء واحد.
فبقي التيمم على ظاهره ، وهذا قول علي وابن عباس وابن عمر رضي الله عنهم ، وبه قال الشعبي والنخعي وقتادة وإليه ذهب مالك والشافعي وأحمد وإسحاق ، وذهب جماعة إلى أن التيمم كالطهارة بالماء يجوز تقديمه على وقت الصلاة ، ويجوز أن يصلي به ما شاء من الفرائض ما لم يحدث ، وهو قول سعيد بن المسيب والحسن والزهري والثوري وأصحاب الرأي ، واتفقوا على أنه يجوز أن يصلي بتيمم واحد مع الفريضة ما شاء من النوافل قبل الفريضة وبعدها ، وأن يقرأ القرآن إن كان جنبا ، وإن كان تيممه بعذر السفر وعدم الماء فيشترط طلب الماء وهو أن يطلبه في رحله ومن رفقائه ، وإن كان في صحراء ولا حائل دون نظره (٢) ينظر حواليه ، وإن كان دون نظره حائل قريب من تل أو جدار عدل عنه لأن الله تعالى قال : (فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا) ، ولا يقال : لم يجد إلّا لمن طلب ، وعند أبي حنيفة رضي الله عنه طلب الماء ليس بشرط فإن رأى الماء ولكن (٣) بينه وبين الماء حائل من عدو أو سبع يمنعه من الذهاب إليه أو كان الماء في بئر وليس معه آلة الاستقاء ، فهو كالمعدوم (٤) يصلي بالتيمم ولا إعادة عليه.
(أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتابِ يَشْتَرُونَ الضَّلالَةَ وَيُرِيدُونَ أَنْ تَضِلُّوا السَّبِيلَ (٤٤))
قوله عزوجل : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتابِ) ، يعني : يهود المدينة ، قال ابن عباس رضي الله عنهما : نزلت في رفاعة بن زيد ومالك بن دخشم ، كانا إذا تكلّم رسول الله صلىاللهعليهوسلم لويا لسانهما وعاباه فأنزل الله تعالى هذه الآية ، (يَشْتَرُونَ) ، يستبدلون ، (الضَّلالَةَ) ، يعني : بالهدى ، (وَيُرِيدُونَ أَنْ تَضِلُّوا السَّبِيلَ) أي : عن السبيل يا معشر المؤمنين.
(وَاللهُ أَعْلَمُ بِأَعْدائِكُمْ وَكَفى بِاللهِ وَلِيًّا وَكَفى بِاللهِ نَصِيراً (٤٥) مِنَ الَّذِينَ هادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَواضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنا وَعَصَيْنا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَراعِنا لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْناً فِي الدِّينِ وَلَوْ أَنَّهُمْ قالُوا سَمِعْنا وَأَطَعْنا
__________________
(١) زيادة عن كتب التخريج والتراجم.
(٢) في الأصل «عن» وهو تصحيف.
ع [٦٣٠] ـ صحيح. أخرجه مسلم ٢٧٧ وأبو داود ١٧٢ والترمذي ٦١ والنسائي ١ / ١٦ وابن ماجه ٥١٠ والطيالسي ١ / ٥٤ وأحمد ٥ / ٣٥٠ و ٣٥١ و ٣٥٨ والدارمي ١ / ١٦٩ وابن حبان ١٧٠٦ ـ ١٧٠٨ وأبو عوانة ١ / ٢٣٧ والطحاوي في «المعاني» (١ / ٤١) والبيهقي ١ / ١٦٢ والبغوي في «شرح السنة» (٢٣١) من طرق عن سليمان بن بريدة ، عن أبيه مرفوعا.
وانظر الحديث الآتي برقم : ٧٤٣.
__________________
(١) في المطبوع «نظر».
(٢) في المطبوع «ولكنه».
(٣) في المخطوط «كالعادم».