مقاتل بن حبان : اسمه قيس بن أبي قيس ـ فطرح ثوبه عليها فورث نكاحها ، ثم تركها فلم يقربها ولم ينفق عليها يضارّها لتفتدي منه ، فأتت كبيشة رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقالت : يا رسول الله إن أبا قيس توفي وورث نكاحي ابنه فلا [هو](١) ينفق علي ولا يدخل بي ولا يخلي سبيلي ، فقال : «اقعدي في بيتك حتى يأتي فيك أمر الله» ، فأنزل الله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّساءَ كَرْهاً).
قرأ حمزة والكسائي [كرها](٢) بضم [الكاف هاهنا وفي سورة التوبة وقرأ الباقون بالفتح قال الكسائي هما](٣) لغتان وقال الفراء : الكره بالفتح ما أكره عليه ، وبالضم ما كان من قبل نفسه من المشقة ، (وَلا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ ما آتَيْتُمُوهُنَ) ، أي : لا تمنعوهنّ من الأزواج ليضجرن فيفتدين ببعض مالهن ، قيل : هذا خطاب لأولياء الميت ، والصحيح أنه خطاب للأزواج ، قال ابن عباس رضي الله عنهما : هذا في الرجل تكون له المرأة وهو كاره لصحبتها ولها عليه مهر فيضارّها لتفتدي وتردّ إليه ما ساق إليها من المهر ، فنهى الله تعالى عن ذلك ، ثم قال : (إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ) فحينئذ يحل لكم إضرارهنّ ليفتدين منكم ، واختلفوا في الفاحشة ، فقال ابن مسعود وقتادة : هي النشوز ، وقال بعضهم وهو قول الحسن : هي الزنا ، يعني : المرأة إذا نشزت ، أو زنت حلّ للزوج أن يسألها الخلع ، وقال عطاء : كان الرجل إذا أصابت امرأته فاحشة أخذ منها ما ساق إليها وأخرجها [فنسخ الله تعالى ذلك بالحدود](٤) وقرأ ابن كثير وأبو بكر (مبينة) ، و (مبينات) بفتح الياء ، ووافق أهل المدينة والبصرة في (مبيّنات) والباقون بكسرها (٥) ، (وَعاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ) ، قال الحسن : راجع إلى أول الكلام ، يعني : (وَآتُوا النِّساءَ صَدُقاتِهِنَّ نِحْلَةً) [النساء : ٤](وَعاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ) ، والمعاشرة بالمعروف : هو (٦) الإجمال في القول والمبيت والنفقة ، وقيل : هو (٧) أن يتصنع (٨) لها كما تتصنع (٩) له ، (فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً) ، قيل : هو ولد صالح ، أو يعطفه الله عليها.
(وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدالَ زَوْجٍ مَكانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْداهُنَّ قِنْطاراً فَلا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئاً أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتاناً وَإِثْماً مُبِيناً (٢٠) وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضى بَعْضُكُمْ إِلى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثاقاً غَلِيظاً (٢١) وَلا تَنْكِحُوا ما نَكَحَ آباؤُكُمْ مِنَ النِّساءِ إِلاَّ ما قَدْ سَلَفَ إِنَّهُ كانَ فاحِشَةً وَمَقْتاً وَساءَ سَبِيلاً (٢٢))
(وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدالَ زَوْجٍ مَكانَ زَوْجٍ) ، أراد بالزوج الزوجة إذا لم يكن من قبلها نشوز ولا فاحشة ، (وَآتَيْتُمْ) [أعطيتم](١٠)(إِحْداهُنَّ قِنْطاراً) ، وهو المال الكثير صداقا ، (فَلا تَأْخُذُوا مِنْهُ) ، [أي](١١) : من القنطار ، (شَيْئاً أَتَأْخُذُونَهُ) ، استفهام [نهي](١٢) بمعنى التوبيخ ، (بُهْتاناً وَإِثْماً مُبِيناً) ، انتصابهما من وجهين : أحدهما بنزع الخافض ، والثاني : بالإضمار تقديره : تصيبون في أخذه بهتانا وإثما ثم قال :
(وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ) ، على طريق الاستعظام ، (وَقَدْ أَفْضى بَعْضُكُمْ إِلى بَعْضٍ) ، أراد به المجامعة ، ولكن الله حيي يكنى ، وأصل الإفضاء : الوصول إلى الشيء من غير واسطة ، (وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثاقاً
__________________
(١) زيادة عن المخطوط.
(٢) زيادة عن المخطوط.
(٣) زيادة عن المخطوط و ـ ط.
(٤) العبارة في المطبوع «فنسخ في ذلك في الحدود».
(٥) في المخطوط وحده «بكسرهما».
(٦) في المطبوع و ـ ط «هي».
(٧) في المطبوع «هي».
(٨) في المطبوع «يصنع».
(٩) في المطبوع «تصنع» والمثبت عن المخطوط و ـ ط والقرطبي.
(١٠) سقط من المطبوع و ـ ط.
(١١) زيادة عن المخطوط.
(١٢) زيادة عن المخطوط. وسقط لفظ «بمعنى» من المخطوط.