ع [٥٠٣] قال عكرمة ومقاتل والكلبي وابن جريج : نزلت الآية في أبي بكر وفنحاص بن عازوراء ، وذلك أن النبي صلىاللهعليهوسلم بعث أبا بكر إلى فنحاص بن عازوراء سيد بني قينقاع ليستمدّه ، وكتب إليه كتابا وقال لأبي بكر رضي الله عنه : «لا تفتأتن عليّ بشيء حتى ترجع» ، فجاء أبو بكر رضي الله عنه وهو متوشح بالسيف فأعطاه الكتاب ، فلما قرأه قال : قد احتاج ربّك إلى أن نمدّه ، فهمّ أبو بكر رضي الله عنه أن يضربه بالسيف ، ثم ذكر قول النبيّ صلىاللهعليهوسلم : «لا تفتأتنّ عليّ بشيء حتى ترجع» ، فكف فنزلت هذه الآية.
ع [٥٠٤] وقال الزهري : نزلت في كعب بن الأشرف فإنه كان يهجو رسول الله صلىاللهعليهوسلم ويسبّ المسلمين ، ويحرض المشركين على النبي صلىاللهعليهوسلم وأصحابه ، في شعره ويسبّ نساء المسلمين ، فقال النبي صلىاللهعليهوسلم : «من لي بابن الأشرف فإنه قد آذى الله ورسوله»؟ فقال محمد بن مسلمة الأنصاري : أنا لك يا رسول الله ، أنا أقتله ، قال : «فافعل إن قدرت على ذلك» ، فرجع محمد بن مسلمة فمكث ثلاثا لا يأكل ولا يشرب إلا ما تعلق به نفسه ، فذكر ذلك لرسول الله صلىاللهعليهوسلم فدعاه ، وقال له : «لم تركت الطعام والشراب»؟ قال : يا رسول الله قلت قولا ولا أدري هل أفي به أم لا ، فقال : «إنما عليك الجهد» ، فقال : يا رسول الله إنه لا بدّ لنا من أن نقول فيك ، قال : «قولوا ما بدا لكم فأنتم في حل من ذلك» ، فاجتمع في قتله محمد بن مسلمة وسلكان بن سلامة (١) أبو نائلة ، وكان أخا كعب من الرضاعة ، وعباد بن بشر والحارث بن أوس وأبو عبس (٢) بن جبر (٣) ، فمشى معهم رسول الله صلىاللهعليهوسلم إلى بقيع الغرقد ثم وجّههم ، وقال : «انطلقوا على اسم الله اللهم أعنهم» ، ثم رجع رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وذلك في ليلة مقمرة فأقبلوا حتى انتهوا (٤) إلى حصنه فقدّموا أبا نائلة فجاءه فتحدث معه ساعة وتناشدا الشعر ، وكان أبو نائلة يقول الشعر ، ثم قال : ويحك يا ابن الأشرف إني قد جئتك لحاجة أريد ذكرها لك فاكتم عليّ ، قال : أفعل ، قال : كان قدوم هذا الرجل بلادنا بلاء ، عادتنا العرب ورمونا عن قوس واحدة ، فانقطعت عنا السبل حتى ضاعت العيال وجهدت الأنفس ، فقال كعب : أنا ابن الأشرف أما والله لقد كنت أخبرتك يا ابن سلامة أن الأمر سيصير إلى هذا ، فقال أبو نائلة : إن معي أصحابا أردنا أن تبيعنا طعامك ونرهنك ونوثّق لك وتحسن في ذلك ، قال : ترهنوني أبناءكم ، قال : إنا نستحي أن يعير أبناؤنا فيقال هذا رهينة وسق (٥) ، وهذا رهينة وسقين ، قال : ترهنوني نساءكم ، قالوا : كيف نرهنك نساءنا وأنت أجمل العرب ولا نأمنك ، وأية امرأة تمتنع منك لجمالك ، ولكنا نرهنك الحلقة ، يعني : السلاح ، وقد علمت حاجتنا إلى السلاح ، قال : نعم ، وأراد أبو نائلة أن لا ينكر السلاح إذا رآه فواعده أن يأتيه فرجع أبو نائلة إلى أصحابه
__________________
ع [٥٠٣] ـ أخرجه الطبري ٨٣١٦ عن عكرمة مرسلا.
وذكره السيوطي في «الدر» (٢ / ١٨٦) وزاد نسبته لابن المنذر ، وتقدم مع الحديث (٥٠٠).
ع [٥٠٤] ـ أخرجه الواقدي في المغازي ١ / ١٨٤ ـ ١٩٣ بأسانيد عن الزهري وعن جابر مطولا ، وإسناده ضعيف لضعف الواقدي بل هو متروك.
وأخرجه الطبري ٨٣١٧ عن الزهري مرسلا ، وليس فيه ذكر محيصة وحويصة وأخرجه البيهقي في «الدلائل» (٣ / ١٩٦ ـ ١٩٨) عن الزهري ، عن عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك مرسلا.
وأخرجه عجزه البيهقي في «الدلائل» (٣ / ٢٠٠) من حديث محيصة ، وفي إسناده مولى زيد بن ثابت وهو مجهول وأصل الخبر عند البخاري ٢٥١٠ و ٣٠٣١ و ٣٠٣٢ و ٤٠٣٧ ومسلم ١٨٠١ وأبي داود ٢٧٦٨ من حديث جابر.
__________________
(١) تصحف في المطبوع «سلام».
(٢) تصحف في المطبوع و ـ ط «عيسى».
(٣) تصحف في المطبوع «جبير» وفي المخطوط «جرير» والمثبت عن كتب السيرة.
(٤) تصحف في المطبوع «أنهوا» وفي المخطوط «انتهى».
(٥) في المطبوع «وسوق».