المدينة على ثمانية أميال.
ع [٤٩٣] [و] روي عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت لعبد الله بن الزبير : يا ابن أختي أما والله إنّ أباك وجدّك تعني أبا بكر والزبير لمن الذين قال الله عزوجل فيهم : (الَّذِينَ اسْتَجابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ ما أَصابَهُمُ الْقَرْحُ) ، فمرّ برسول الله صلىاللهعليهوسلم معبد الخزاعي بحمراء الأسد وكانت خزاعة مسلمهم وكافرهم عيبة نصح (١) رسول الله صلىاللهعليهوسلم بتهامة ، صفقتهم معه (١) لا يخفون عنه شيئا ، وكان معبد يومئذ مشركا فقال : يا محمد والله لقد عزّ علينا ما أصابك في أصحابك ، ولوددنا أن الله ـ تعالى ـ كان [قد](٢) أعفاك فيهم (٣) ، ثم خرج من عند رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، حتى لقي أبا سفيان ومن معه بالروحاء قد أجمعوا الرجعة إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وقالوا : قد أصبنا جلة أصحابه وقادتهم لنكرنّ على بقيتهم ، فلنفرغن منهم ، فلمّا رأى أبو سفيان معبدا قال له : ما وراءك يا معبد؟ قال : محمد قد خرج مع أصحابه يطلبكم في جمع لم أر مثله قط ، يتحرقون عليكم تحرقا ، قد اجتمع معه من كان تخلف عنه في يومكم وندموا على صنيعهم ، وفيهم من الحنق عليكم شيء لم أر مثله قط ، قال : ويلك ما تقول؟ قال : والله ما أراك ترتحل (٤) حتى ترى نواصي الخيل ، قال : فو الله لقد أجمعنا الكرة عليهم ، لنستأصل بقيتهم ، قال : فإني والله أنهاك عن ذلك ، فو الله لقد حملني ما رأيت على أن قلت فيه أبياتا :
كادت تهدّ من الأصوات راحلتي |
|
إذ سالت الأرض بالجرد الأبابيل (٢) |
فذكر أبياتا فثنى (٥) ذلك أبا سفيان ومن معه ، ومرّ به ركب من عبد القيس ، فقال : أين تريدون؟ قالوا : نريد المدينة ، قال : ولم؟ قالوا نريد الميرة ، قال : فهل أنتم مبلّغون محمدا عني رسالة وأحمل لكم إبلكم هذه زبيبا بعكاظ غدا إذا وافيتمونا؟ قالوا : نعم ، قال : فإذا جئتموه فأخبروه أنا قد أجمعنا السير إليه وإلى أصحابه لنستأصل بقيتهم ، وانصرف أبو سفيان إلى مكة ، ومرّ الركب برسول الله صلىاللهعليهوسلم وهم بحمراء الأسد فأخبروه بالذي قاله أبو سفيان ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم وأصحابه : «حسبنا الله ونعم الوكيل» ، ثم انصرف رسول الله صلىاللهعليهوسلم إلى المدينة بعد الثالثة (٦).
هذا قول أكثر المفسرين.
ع [٤٩٤] وقال مجاهد وعكرمة : نزلت هذه الآية في غزوة بدر الصغرى ، وذلك أن أبا سفيان يوم أحد
__________________
ع [٤٩٣] ـ أخرج صدره البخاري ٤٠٧٧ ومسلم ٢٤١٨ والبيهقي في «الدلائل» (٣ / ٣١٢) من طريق هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة.
وأما عجزه «فمر برسول الله صلىاللهعليهوسلم معبد الخزاعي ....» فقد أخرجه الطبري ٨٢٤٣. والبيهقي في «الدلائل» (٣ / ٣١٥ ـ ٣١٦) من طريق ابن إسحاق ، عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم أن معبدا الخزاعي مرّ برسول الله صلىاللهعليهوسلم ....
(١) أي موضع سرّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم.
(٢) الجرد : الخيل العتاق ـ الأبابيل : الجماعات.
ع [٤٩٤] ـ عزاه المصنف لمجاهد وعكرمة ، وإسناده إليهما مذكور أول الكتاب ، وتقدم الكلام عليه هناك ، ولم أره مسندا ، وأخرج الطبري ٨٢٣٨ بعضه عن مجاهد وكرره برقم ٨٢٤٩ عن مجاهد ، وعن ابن جريج ، وأخرجه ٨٢٥٠ ، عن
__________________
(١) في المخطوط «معهم».
(٢) زيادة عن المخطوط.
(٣) في المطبوع «منهم» والمثبت عن المخطوط و «الدلائل».
(٤) في المطبوع «ترحل».
(٥) في المطبوع «فرد» وفي المخطوط «فغير» والمثبت عن «السيرة النبوية» و «الدلائل».
(٦) في المخطوط «الثالث».