(وَلَئِنْ قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ أَوْ مُتُّمْ) ، قرأ نافع وحمزة والكسائي (مُتُّمْ) بكسر الميم ، وقرأ الآخرون بالضم ، فمن ضمه فهو من مات يموت ، كقولك : من قال يقول قلت ، بضم القاف ، ومن كسره فهو من مات يمات ، كقولك من خاف يخاف خفت ، (لَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللهِ) ، في العاقبة ، (وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ) ، من الغنائم ، قراءة العامة «تجمعون» بالتاء ، لقوله (وَلَئِنْ قُتِلْتُمْ) وقرأ حفص عن عاصم (يَجْمَعُونَ) بالياء ، يعني : خير مما يجمع الناس.
(وَلَئِنْ مُتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ لَإِلَى اللهِ تُحْشَرُونَ (١٥٨)) ، في العاقبة.
قوله تعالى : (فَبِما رَحْمَةٍ مِنَ اللهِ) أي : فبرحمة من الله ، وما صلة ، كقوله (فَبِما نَقْضِهِمْ) [المائدة : ١٣] ، (لِنْتَ لَهُمْ) أي : سهلت لهم أخلاقك ، وكثرة احتمالك ، ولم تسرع إليهم بالغضب فيما كان منهم يوم أحد ، (وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا) يعني : جافيا سيّئ الخلق قليل الاحتمال ، (غَلِيظَ الْقَلْبِ) ، قال الكلبي : فظّا في القول غليظ القلب في الفعل ، (لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ) ، أي : لنفروا وتفرقوا عنك ، يقال : فضضتهم فانفضوا ، أي : فرقتهم فتفرقوا (فَاعْفُ عَنْهُمْ) ، تجاوز عنهم ما أتوا يوم أحد (وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ) حتى أشفّعك فيهم ، (وَشاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ) أي : استخرج آراءهم واعلم ما عندهم ، من قول العرب : شرت الدابة ، وشورتها ، إذا استخرجت جريها (١) ، وشرت العسل وأشرته إذا أخذته من موضعه ، واستخرجته ، واختلفوا في المعنى الذي لأجله أمر الله [تعالى](٢) نبيه صلىاللهعليهوسلم بالمشاورة مع كمال عقله وجزالة رأيه ونزول الوحي عليه ، ووجوب طاعته على الخلق فيما أحبّوا أو كرهوا ، فقال بعضهم : هو خاص في المعنى ، أي : وشاورهم فيما ليس عندك فيه من الله تعالى عهد ، وقال الكلبي : يعني ناظرهم في لقاء العدو ومكايد الحرب عند الغزو ، وقال مقاتل وقتادة : أمر الله تعالى بمشاورتهم تطييبا لقلوبهم ، فإن ذلك أعطف [لهم عليه](٣) وأذهب لأضغانهم ، فإن سادات العرب كانوا إذا لم يشاوروا في الأمر شق ذلك عليهم ، وقال الحسن : قد علم الله عزوجل أنه ما به إلى مشاورتهم حاجة ولكنه أراد أن يستنّ به من بعده.
[٤٧٠] أخبرنا أبو طاهر المطهر بن علي بن عبد الله الفارسي : أخبرنا أبو ذر محمد بن إبراهيم [بن علي](٤) الصالحاني أخبرنا عبد الله بن محمد بن جعفر [بن حيان](٥) أخبرنا علي بن العباس المقانعي أخبرنا أحمد بن [محمد بن](٦) ماهان أخبرني أبي أخبرنا طلحة (١) بن زيد عن عقيل عن الزهري عن عروة عن عائشة رضي الله
__________________
[٤٧٠] ـ إسناده ضعيف جدا لأجل طلحة بن زيد ، فإنه متروك ، واتهمه أحمد والمديني وأبو داود بالوضع ، وله شاهد منقطع وهو الآتي ، عقيل ـ مصغرا ـ هو ابن خالد ، والزهري هو محمد بن مسلم ، وعروة هو ابن الزبير.
ـ وهو في «شرح السنة» (٣٥٠٥) و «الأنوار في شمائل النبي صلىاللهعليهوسلم» (٢٠٧) بهذا الإسناد.
ـ وأخرجه أبو الشيخ في «أخلاق النبي صلىاللهعليهوسلم» (٢٥٩).
ـ وله شاهد أخرجه عبد الرزاق في «المصنف» (٩٧٢٠) وابن حبان ٤٨٧٢ عن معمر ، عن الزهري قال : وكان أبو هريرة يقول .... فذكره في أثناء حديث المسور ومروان بن الحكم في صلح الحديبية.
وهو منقطع بين الزهري وأبي هريرة ، لكن معناه صحيح ، فقد استشار النبي صلىاللهعليهوسلم في مناسبات عديدة يوم بدر وأحد والخندق وفي الأسرى وغير ذلك ، فوهن الحديث لا يعني نفي ذلك والله أعلم.
(١) في الأصل «طاهر» والتصويب من «شرح السنة» و «الأنوار».
__________________
(١) كذا في المطبوع و ـ ط. وفي المخطوط «خبرها».
(٢) زيادة عن المخطوط.
(٣) زيد في المطبوع و ـ ط.
(٤) زيد في المطبوع و ـ ط.
(٥) زيادة عن المخطوط وط و «شرح السنة».
(٦) زيادة عن «شرح السنة».