إثم الأريسيين و (يا أَهْلَ الْكِتابِ تَعالَوْا إِلى كَلِمَةٍ سَواءٍ بَيْنَنا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنا بَعْضاً أَرْباباً مِنْ دُونِ اللهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ (٦٤)).
(يا أَهْلَ الْكِتابِ لِمَ تُحَاجُّونَ فِي إِبْراهِيمَ وَما أُنْزِلَتِ التَّوْراةُ وَالْإِنْجِيلُ إِلاَّ مِنْ بَعْدِهِ أَفَلا تَعْقِلُونَ (٦٥) ها أَنْتُمْ هؤُلاءِ حاجَجْتُمْ فِيما لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ فَلِمَ تُحَاجُّونَ فِيما لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ (٦٦))
قوله تعالى : (يا أَهْلَ الْكِتابِ لِمَ تُحَاجُّونَ فِي إِبْراهِيمَ) تزعمون أنه كان على دينكم ، وإنما دينكم اليهودية والنصرانية وقد حدثت اليهودية بعد نزول التوراة ، والنصرانية بعد نزول الإنجيل ، (وَما أُنْزِلَتِ التَّوْراةُ وَالْإِنْجِيلُ إِلَّا مِنْ بَعْدِهِ) ، أي : [وإنما أنزلت التوراة والإنجيل](١) بعد إبراهيم بزمان طويل وكان بين إبراهيم وموسى ألف سنة وبين موسى وعيسى ألفا سنة (أَفَلا تَعْقِلُونَ) بطلان قولكم.
قوله تعالى : (ها أَنْتُمْ) بتليين الهمزة ، حيث كان مدني ، وأبو عمرو والباقون بالهمزة واختلفوا في أصله ، فقال بعضهم : أصله أنتم ، وهاء تنبيه ، وقال الأخفش : أصله أأنتم ، فقلبت الهمزة الأولى هاء كقولهم : هرقت الماء وأرقت ، (هؤُلاءِ) أصله أولاء دخلت عليه هاء التنبيه ، وهو موضع النداء يعني : يا هؤلاء أنتم ، (حاجَجْتُمْ) [جادلتم](فِيما لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ) ، يعني : في أمر موسى وعيسى ، وادّعيتم أنكم على دينهما ، وقد أنزلت التوراة والإنجيل عليكم (فَلِمَ تُحَاجُّونَ فِيما لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ) ، [وليس في كتابكم أنه كان يهوديا أو نصرانيا ، وقيل : حاججتم فيما لكم به علم](٢) ، يعني : في أمر محمد صلىاللهعليهوسلم ، لأنهم وجدوا نعته في كتابهم ، فجادلوا فيه بالباطل ، فلم تحاجّون في إبراهيم ، وليس في كتابكم ولا علم لكم به ، (وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) ، ثم برّأ الله تعالى إبراهيم عمّا قالوا ، فقال :
(ما كانَ إِبْراهِيمُ يَهُودِيًّا وَلا نَصْرانِيًّا وَلكِنْ كانَ حَنِيفاً مُسْلِماً وَما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (٦٧) إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْراهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ (٦٨))
(ما كانَ إِبْراهِيمُ يَهُودِيًّا وَلا نَصْرانِيًّا وَلكِنْ كانَ حَنِيفاً مُسْلِماً وَما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (٦٧)) ، والحنيف المائل عن الأديان [كلها](٣) إلى الدين المستقيم ، وقيل : الحنيف الذي يوحّد ويحجّ ويضحّي ويختتن ويستقبل (٤) الكعبة وهو أسهل الأديان وأحبّها إلى الله عزوجل.
قوله تعالى : (إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْراهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ) ، أي : من اتّبعه في زمانه وملّته بعده ، (وَهذَا النَّبِيُ) ، يعني : محمّدا صلىاللهعليهوسلم ، (وَالَّذِينَ آمَنُوا) ، يعني : من هذه الأمة ، (وَاللهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ).
ع [٣٩٣] روى الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس ، ورواه محمد بن إسحاق عن ابن شهاب بإسناد (٥)
__________________
ع [٣٩٣] ـ ذكره الواحدي في «أسباب النزول» (٢١١) فقال : وروى الكلبي عن أبي صالح ، عن ابن عباس ، وروى أيضا عبد الرحمن بن غنم عن أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وذكره محمد بن إسحاق بن يسار ، وقد دخل حديث بعضهم في بعض .... ثم ذكره الواحدي بهذا السياق.
ـ وأخرجه البيهقي في «الدلائل» (٢ / ٣٠١ ـ ٣٠٦) من طريق ابن إسحاق ، عن الزهري ، عن أبي بكر بن
__________________
(١) زيادة عن المخطوط.
(٢) سقط من المخطوط.
(٣) زيادة عن المخطوط و ـ ط.
(٤) كذا في المطبوع و ـ ط. وفي المخطوط «ويصلي إلى».
(٥) في المطبوع و ـ ط «بإسناده».