العبد وأخذه بغتة من حيث لا يعلم ، كما قال : (سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ) [الأعراف : ١٨٢] ، وقال الزجاج : مكر الله عزوجل مجازاته (١) على مكرهم ، فسمّي الجزاء باسم الابتداء (٢) لأنه في مقابلته ؛ كقوله تعالى : (اللهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ) [البقرة : ١٥] ، (وَهُوَ خادِعُهُمْ) [النساء : ١٤٢] ، ومكر الله تعالى خاصة بهم في هذه الآية وهو إلقاؤه الشبه على صاحبهم الذي أراد قتل عيسى عليهالسلام ، حتى قتل ، قال الكلبي : عن أبي صالح عن ابن عباس رضي الله عنهما (١) : إن عيسى استقبل رهطا من اليهود فلما رأوه قالوا : قد جاء الساحر ابن الساحرة والفاعل ابن الفاعلة ، وقذفوه وأمه فلما سمع ذلك عيسى عليهالسلام منهم دعا عليهم ، ولعنهم فمسخهم الله خنازير ، فلما رأى ذلك يهوذا رأس اليهود وأميرهم ، فزع لذلك وخاف دعوته ، فاجتمعت كلمة اليهود على قتل عيسى عليهالسلام ، [فثاروا إليه](٣) ليقتلوه فبعث الله جبريل فأدخله في خوخة في سقفها روزنة فرفعه إلى السماء من تلك الروزنة ، فأمر يهوذا رأس اليهود رجلا من أصحابه يقال له : ططيانوس أن يدخل الخوخة ويقتله ، فلما دخل غرفته لم ير عيسى فأبطأ عليهم فظنوا أنه يقاتله فيها فألقى الله عليه شبه عيسى عليهالسلام ، فلما خرج [عليهم](٤) ظنوا أنه عيسى عليهالسلام فقتلوه وصلبوه ، قال وهب : طرقوا عيسى في بعض الليل ونصبوا [له](٥) خشبة ليصلبوه [عليها](٦) ، فأظلمت الأرض فأرسل الله الملائكة فحالت بينهم وبينه ، فجمع عيسى الحواريين تلك الليلة وأوصاهم ثم قال : ليكفرن بي أحدكم قبل أن يصيح الديك ويبيعني بدراهم يسيرة ، فخرجوا وتفرّقوا ، وكانت (٧) اليهود تطلبه فأتى أحد الحواريين إلى اليهود فقال لهم : ما تجعلون لي إن دللتكم على المسيح؟ فجعلوا له ثلاثين درهما ، فأخذها ودلّهم عليه ، ولمّا دخل البيت ألقى الله عليه شبه عيسى ، فرفع عيسى ، وأخذ الذي دلّهم عليه ، فقال : أنا الذي دللتكم عليه ، فلم يلتفتوا إلى قوله ، وقتلوه وصلبوه وهم يظنون أنه عيسى ، فلما صلب شبه عيسى جاءت مريم وامرأة كان عيسى دعا لها فأبرأها الله من الجنون تبكيان عند المصلوب ، فجاءهما عيسى عليهالسلام فقال لهما : علام تبكيان إن الله قد رفعني ولم يصبني إلا خير ، وإن هذا شيء شبّه لهم ، فلما كان بعد سبعة أيام [من فعلهم](٨) ، قال الله عزوجل لعيسى عليهالسلام : اهبط على مريم المجدلانية. اسم موضع في جبلها. فإنه لم يبك [عليك] أحد بكاءها ، ولم يحزن عليك أحد حزنها ، ثم ليجتمع لك الحواريون فبثّهم في الأرض دعاة إلى الله عزوجل فأهبطه الله عليها فاشتعل الجبل حين هبط نورا فجمعت له الحواريون فبثّهم في الأرض دعاة ثمّ رفعه الله عزوجل إليه وتلك الليلة هي التي تدخن فيها النصارى ، فلما أصبح الحواريون حدث كل واحد منهم بلغة من أرسله عيسى إليهم ، فذلك قوله تعالى : (وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللهُ وَاللهُ خَيْرُ الْماكِرِينَ) ، وقال السدي : إن اليهود حبسوا عيسى في بيت وعشرة من الحواريين ، فدخل عليهم رجل منهم ليقتله فألقى الله عليه شبهه [فقتل وصلب](٩) ، وقال قتادة : (٢) ذكر لنا أن نبيّ الله عيسى عليهالسلام قال لأصحابه : أيّكم يقذف عليه شبهي فإنه مقتول ، فقال
__________________
(١) لا أصل له عن ابن عباس ، الكلبي متروك متهم.
(٢) هذا من الإسرائيليات.
__________________
(١) في المطبوع و ـ ط «مجازاتهم».
(٢) في المخطوط «الاعتداء» والمثبت عن المطبوع و ـ ط و «تفسير القرطبي».
(٣) في المطبوع «وساروا» بدل المثبت.
(٤) زيادة عن المخطوط.
(٥) زيادة عن المخطوط.
(٦) زيادة عن المخطوط.
(٧) في المطبوع «وكلفت».
(٨) زيادة عن المخطوط.
(٩) زيادة عن المخطوط.