(عَلِمَ اللهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتانُونَ أَنْفُسَكُمْ) ، أي : تخونونها وتظلمونها بالمجامعة بعد العشاء ، قال البراء : لمّا نزل صوم رمضان ، كانوا لا يقربون النساء [في رمضان](١) كلّه ، وكان رجال يخونون أنفسهم ، فأنزل الله تعالى : (عَلِمَ اللهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتانُونَ أَنْفُسَكُمْ) ، (فَتابَ عَلَيْكُمْ) : تجاوز عنكم ، (وَعَفا عَنْكُمْ) : محا ذنوبكم ، (فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَ) : جامعوهن حلالا ، سمّيت المجامعة : مباشرة ، لملاصقة بشرة كل واحد منهما صاحبه ، (وَابْتَغُوا ما كَتَبَ اللهُ لَكُمْ) ، أي : فاطلبوا ما قضى الله لكم ، وقيل : ما كتب الله لكم في اللوح المحفوظ ، يعني : الولد ، قاله أكثر المفسّرين ، قال مجاهد : ابتغوا الولد إن لم تلد هذه فهذه ، وقال قتادة : وابتغوا الرخصة التي كتب الله لكم ، بإباحة الأكل والشرب والجماع في اللوح المحفوظ وقال معاذ بن جبل : وابتغوا ما كتب الله لكم ، يعني : ليلة القدر ، قوله : (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ) ، نزلت في رجل من الأنصار اسمه أبو صرمة بن قيس بن صرمة ، وقال عكرمة : أبو قيس بن صرمة ، وقال الكلبي : أبو قيس صرمة بن أنس بن صرمة.
ع [١٥٨] وذلك أنه ظلّ نهاره يعمل في أرض له وهو صائم ، فلما أمسى رجع إلى أهله بتمر ، وقال لأهله قدمي الطعام ، فأرادت المرأة أن تطعمه شيئا سخنا (١) فأخذت تعمل له سخينة ، وكان في [ابتداء الأمر](٢) من صلّى العشاء ونام حرم عليه الطعام والشراب ، فلما فرغت من طعامه إذا هي به قد نام ، وكان قد أعيا وكلّ [من العمل](٣) ، فأيقظته فكره أن يعصي الله ورسوله وأبى أن يأكل فأصبح صائما مجهودا ، فلم ينتصف النهار حتى غشي عليه فلما أفاق أتى رسول الله صلىاللهعليهوسلم فلما رآه رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «يا أبا قيس ما لك أصبحت (٤) طليحا (٢)» ، فذكر له حاله فاغتمّ لذلك رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فأنزل الله عزوجل : (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا) ، يعني في ليالي الصوم (حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ).
يعني : بياض النهار من سواد الليل : سمّيا خيطين لأن كل واحد منهما يبدو في الابتداء ممتدا كالخيط.
[١٥٩] أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي ، أخبرنا محمد بن يوسف
__________________
الرقاشي عن أنس مرفوعا.
ـ وأخرجه الحاكم (٢ / ١٦١) (٢٦٨١) من طريق زهير بن محمد عن عبد الرحمن بن زيد عن أنس أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «من رزقه الله امرأة صالحة فقد أعانه على شطر دينه ، فليتق الله في الشطر الثاني». صححه الحاكم ، ووافقه الذهبي مع أن في إسناده زهير بن محمد ضعيف في رواية الشاميين عنه وهذا منها ثم إن عمرو بن أبي سلمة التنيسي ضعيف أيضا.
ولفظ الحاكم ذكره ابن حجر في «التلخيص» (٣ / ١١٧) وضعّف إسناده.
(١) زيادة عن كتب التخريج.
ع [١٥٨] ـ خبر قيس بن صرمة ، أخرجه البخاري ١٩١٥ وأبو داود ٢٣١٤ والترمذي ٢٩٦٨ والنسائي (٤ / ١٤٧ ـ ١٤٨) وأحمد (٤ / ٢٩٥) والدارمي (٢ / ٥) وابن حبان (٣٤٦٠) و (٣٤٦١) والطبري ٢٩٣٩ والبيهقي (٤ / ٢٠١) من حديث البراء بغير هذا السياق.
(٢) الطلح : المهزول ـ والراعي المعيني.
[١٥٩] ـ إسناده صحيح. محمد بن إسماعيل هو البخاري ، ومن دونه ثقات ، ومن فوقه رجال البخاري ومسلم ، أبو حازم هو
__________________
(١) في المطبوع «سخينا».
(٢) في المطبوع «الابتداء».
(٣) زيادة من المخطوط.
(٤) في المخطوط وط «أمسيت» لكن سياق الحديث يدل على أنه كان في النهار. وقد وردت روايات تذكر أنه كان في الليل.