رسول الله صلىاللهعليهوسلم خرج إلى مكّة عام الفتح في رمضان ، فصام حتى بلغ الكديد (١) ثم أفطر وأفطر الناس معه ، وكانوا يأخذون بالأحدث فالأحدث من أمر رسول الله صلىاللهعليهوسلم.
قوله تعالى : (وَمَنْ كانَ مَرِيضاً أَوْ عَلى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ) ، أباح الفطر لعذر المرض والسفر ، [و] أعاد هذا الكلام ليعلم أن هذا الحكم ثابت في الناسخ ثبوته في المنسوخ ، واختلفوا في المرض الذي يبيح الفطر ، فذهب أهل الظاهر إلى أن ما يطلق عليه اسم المرض يبيح الفطر ، وهو قول ابن سيرين ، قال طريف بن تمام العطاردي : دخلت على محمد بن سيرين في رمضان وهو يأكل فقال : إنه وجعت (١) إصبعي هذه ، وقال الحسن وإبراهيم النخعي : هو المرض الذي يجوز به (٢) الصلاة قاعدا ، وذهب الأكثرون إلى أنه مرض يخاف معه من الصوم زيادة علّة غير محتملة ، وفي الجملة أنه إذا أجهده الصوم أفطر ، وإن لم يجهده فهو كالصحيح ، وأما السفر فالفطر فيه مباح ، والصوم جائز عند عامّة أهل العلم إلّا ما روي عن ابن عباس وأبي هريرة وعروة بن الزبير وعلي بن الحسين أنهم قالوا : لا يجوز الصوم في السفر ، ومن صام فعليه القضاء.
ع [١٣٩] واحتجّوا بقول النبيّ صلىاللهعليهوسلم : «ليس من البر الصوم في السفر».
وذلك عند الآخرين في حق من يجهده الصوم ، فالأولى له أن يفطر ، والدليل ما :
[١٤٠] أخبرنا به عبد الواحد بن أحمد المليحي ، أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي أخبرنا محمد بن يوسف ، أخبرنا محمد بن إسماعيل أخبرنا آدم ، أخبرنا شعبة أخبرنا محمد بن عبد الرحمن الأنصاري قال : سمعت محمد بن عمرو بن الحسن (٢) بن علي عن جابر بن عبد الله قال :
__________________
وهو في «الموطأ» (١ / ٢٩٤) عن ابن شهاب بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري ١٩٤٤ والشافعي (١ / ٢٧١) والدارمي (٢ / ٩) وابن حبان ٣٥٦٣ والطحاوي في «المعاني» (٢ / ٦٤) والبيهقي ٤ / ٢٤٠ من طريق مالك بهذا الإسناد.
ـ وأخرجه البخاري ٢٩٥٤ و ٤٢٧٥ و ٤٢٧٦ ومسلم ١١١٣ والنسائي (٤ / ١٨٩) وعبد الرزاق ٧٧٦٢ والطيالسي ٢٧١٦ والحميدي ٥١٤ وابن أبي شيبة (٣ / ١٥) وأحمد (١ / ٢١٩ و ٣٣٤) وابن خزيمة ٢٠٣٥ وابن حبان ٣٥٥٥ و ٣٥٦٣ ـ ٣٥٦٦ والطحاوي (٢ / ٦٤) والبيهقي (٤ / ٢٤٠) و ٢٤٦ من طرق عن الزهري به.
(١) وقع في الأصل «منصور» والتصويب من «ط» ومن «شرح السنة».
(٢) ما بين المعقوفتين سقط من الأصل واستدرك من كتب التخريج.
(٣) الكديد : عين ماء جارية على اثنين وأربعين ميلا من مكة.
(٤) في الأصل «الحسين» والتصويب عن «ط» وعن «شرح السنة» ومصادر التخريج.
ع [١٣٩] ـ انظر الحديث الآتي.
[١٤٠] ـ إسناده على شرط البخاري ، آدم هو ابن أبي إياس العسقلاني روى له البخاري ، ومن فوقه رجال البخاري ومسلم ، شعبة هو ابن الحجاج بن الورد.
ـ هو في «شرح السنة» ١٧٥٨ بهذا الإسناد.
ـ وهو في «صحيح البخاري» ١٩٤٦ عن آدم بهذا الإسناد.
ـ وأخرجه ومسلم ١١١٥ وأبو داود ٢٤٠٧ والنسائي (٤ / ١٧٧) والطيالسي ١٧٢١ وأحمد (٣ / ٢٩٩) و (٣١٩) و (٣٩٩)
__________________
(١) في المخطوط «توجعت» والمثبت هو الصواب كما في القرطبي (٢ / ٢٧٦)
(٢) في المخطوط «تجوز معه».