مصعب ، عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أمّ المؤمنين أنها قالت :
كان يوم عاشوراء يوما تصومه قريش في الجاهلية ، وكان رسول الله صلىاللهعليهوسلم يصومه في الجاهلية ، فلما قدم رسول الله صلىاللهعليهوسلم المدينة صامه وأمر الناس بصيامه ، فلما فرض رمضان كان هو الفريضة ، وترك يوم عاشوراء ، فمن شاء صامه ومن شاء تركه.
وقيل : المراد من قوله : (أَيَّاماً مَعْدُوداتٍ) : شهر رمضان ، وهي غير منسوخة ، ونصب (أَيَّاماً) على الظرف ، أي : في أيام معدودات ، وقيل : على التفسير ، وقيل : على هو خبر ما لم يسمّ فاعله ، (فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ) ، أي : فأفطر فعدّة (مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ) ، أي : فعليه عدّة [من أيام أخر](١) ، والعدد والعدة واحد من أيام أخر ، أي : غير أيام مرضه وسفره ، و (أُخَرَ) في موضع خفض ، لكنّها لا تنصرف ، فلذلك نصبت ، قوله تعالى : (وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ) ، اختلف العلماء في تأويل هذه الآية وحكمها ، فذهب أكثرهم إلى أن الآية منسوخة ، وهو قول ابن عمر وسلمة بن الأكوع وغيرهما ، وذلك أنهم كانوا في ابتداء الإسلام مخيّرين بين أن يصوموا وبين أن يفطروا ثمّ (٢) يفتدوا ، خيّرهم الله تعالى لئلا يشقّ عليهم ، لأنهم كانوا لم يتعوّدوا الصوم ، ثم نسخ التخيير ونزلت العزيمة ؛ لقوله تعالى : (فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ) [البقرة : ١٨٥] ، وقال قتادة : هي خاصة في حق الشيخ الكبير الذي يطيق الصوم ، ولكن يشقّ عليه ، رخّص له في أن يفطر ويفدي ، ثم نسخ ، وقال الحسن : هذا في المريض الذي به ما يقع عليه اسم المرض وهو مستطيع للصوم ، خيّر بين أن يصوم وبين أن يفطر أو يفدي ، ثم نسخ بقوله تعالى : (فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ) ، وثبتت الرخصة للذين [لا](٣) يطيقون ، وذهب جماعة إلى أن الآية محكمة غير منسوخة ، ومعناه : وعلى الّذين كانوا يطيقونه في حال الشباب فعجزوا عنه في حال الكبر فعليهم الفدية بدل الصوم ، وقرأ ابن عباس (وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ) بضم الياء وفتح الطاء وتخفيفها وفتح الواو وتشديدها ، أي : يكلّفون الصوم ، وتأويله : على الشيخ الكبير والمرأة الكبيرة لا يستطيعان الصوم ، والمريض الذي لا يرجى زوال مرضه ، فهم يكلفون الصوم ولا يطيقونه ، فلهم أن يفطروا ويطعموا مكان كل يوم مسكينا ، وهو قول سعيد بن جبير ، وجعل الآية محكمة. قوله تعالى : (فِدْيَةٌ طَعامُ مِسْكِينٍ) ، قرأ أهل المدينة والشام مضافا ، وكذلك في المائدة : (كَفَّارَةٌ طَعامُ مَساكِينَ) [المائدة : ٩٥] ، أضاف الفدية إلى الطعام ، وإن كان واحدا لاختلاف اللفظين ؛ كقوله تعالى : (وَحَبَّ الْحَصِيدِ) [ق : ٩] ، وقولهم : المسجد الجامع ، وربيع الأول ، وقرأ الآخرون : (فِدْيَةٌ) ، و (كَفَّارَةٌ) منوّنة ، و (طَعامُ) ، رفع ، وقرأ (مِسْكِينٍ) بالجمع هنا ، أهل المدينة والشام ، والآخرون على التوحيد ، فمن جمع نصب النون ، ومن وحّد خفض النون ونوّنها ، والفدية : الجزاء ، ويجب أن يطعم مكان كل يوم مسكينا مدّا من الطعام
__________________
ـ وهو في «الموطأ» (١ / ٢٩٩) عن هشام به.
وأخرجه البخاري ٣٨٣١ و ٥٤٠٤ ومسلم ١١٢٥ وأبو داود ٢٤٤٢ والترمذي ٧٥٣ وعبد الرزاق ٧٨٤٤ و ٧٨٤٥ وابن أبي شيبة (٣ / ٥٥) وأحمد (٦ / ١٦٢) وابن خزيمة ٣٠٨٠ والدارمي (٢ / ٢٣) وابن حبان ٣٦٢١ والبغوي في «شرح السنة» ١٧٠٢ والبيهقي (٤ / ٢٨٨) من طرق عن هشام بن عروة به.
ـ وأخرجه البخاري ١٥٩٢ و ١٨٩٣ و ٢٠٠١ و ٤٥٠٢ ومسلم ١١٢٥ ح ١١٤ ـ ١١٦ وعبد الرزاق ٧٨٤٢ والشافعي (١ / ٢٦٢ ـ ٢٦٣) وأحمد (٦ / ٢٤٤) والطحاوي (٢ / ٧٤) والبيهقي (٤ / ٢٨٨ و ٢٩٠) من طرق عن عروة عن عائشة.
__________________
(١) زيادة عن المخطوط.
(٢) في المطبوع «أو».
(٣) زيادة عن المخطوط.