أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «ردّوا السائل ولو بظلف محرق» ، وفي رواية : قال لها رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «إن لم تجدي شيئا إلا ظلفا محرقا فادفعيه إليه» (١).
قوله تعالى : (وَفِي الرِّقابِ) ، يعني : المكاتبين ، قاله أكثر المفسّرين ، وقيل : عتق النّسمة وفك الرقبة ، وقيل : فداء الأسارى ، (وَأَقامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكاةَ) : وأعطى الزكاة (وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ) : فيما بينهم وبين الله عزوجل ، وفيما بينهم وبين الناس ، (إِذا عاهَدُوا) ، يعني : إذا وعدوا أنجزوا ، وإذا حلفوا ونذروا أوفوا ، [وإذا عاهدوا أوفوا](١) ، وإذا قالوا صدقوا وإذا ائتمنوا أدّوا ، واختلفوا في رفع قوله : (وَالْمُوفُونَ) ، قيل : هو عطف على خبر ، ومعناه : ولكن ذا البر : المؤمنون والموفون بعهدهم ، وقيل : تقديره : (٢) هم والموفون [بعهدهم](٣) كأنه عدّ أصنافا ، ثم قال : هم والموفون كذا ، وقيل : رفع على الابتداء والخبر ، يعني : وهم الموفون ، ثم قال : (وَالصَّابِرِينَ) ، وفي نصبها أربعة أوجه ، قال أبو عبيدة : نصبها على تطاول الكلام ، ومن شأن العرب أن تغيّر الإعراب إذا طال الكلام والنسق ، ومثله في سورة النساء : (وَالْمُقِيمِينَ الصَّلاةَ) [النساء : ١٦٢] ، وفي سورة المائدة : (وَالصَّابِئُونَ وَالنَّصارى) [المائدة : ٦٩] ، وقيل : معناه : أعني الصابرين ، وقيل : نصبه نسقا على قوله (ذَوِي الْقُرْبى) ، أي : وأتى الصابرين ، وقال الخليل : نصب على المدح ، والعرب تنصب الكلام على المدح والذم كأنهم يريدون أفراد الممدوح والمذموم ، فلا يتبعونه أول الكلام وينصبونه ، فالمدح كقوله تعالى : (وَالْمُقِيمِينَ الصَّلاةَ) [النساء : ١٦٢] ، والذمّ كقوله تعالى : (مَلْعُونِينَ أَيْنَما ثُقِفُوا) [الأحزاب : ٦١] ، قوله تعالى : (فِي الْبَأْساءِ) ، أي : الشدّة والفقر ، (وَالضَّرَّاءِ) : المرض والزمانة ، (وَحِينَ الْبَأْسِ) ، أي : القتال والحرب.
[١٢٧] أخبرنا المطهر بن علي بن عبيد الله الفارسي ، أخبرنا أبو ذر محمد بن إبراهيم الصالحاني ، أخبرنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن جعفر بن حيان (٢) ، أخبرنا عبد الله بن محمد البغوي أخبرنا علي بن الجعد ، أخبرنا زهير عن أبي إسحاق عن حارثة بن مضرّب عن عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه ، قال :
كنّا إذا احمرّ البأس ولقي القوم القوم اتّقينا برسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فما يكون أحد أقرب إلى العدوّ منه ،
__________________
(١) هذه الرواية لأبي داود والترمذي وغيرهما.
[١٢٧] ـ صحيح. إسناده ضعيف ، سماع زهير من أبي إسحاق بعد الاختلاط ، لكن توبع. حارثة بن مضرّب ثقة ، ومن دونه رجال الصحيح ، أبو إسحاق هو عمرو بن عبد الله ، وزهير هو ابن معاوية بن خديج أبو خيثمة. وقد توبع.
ـ وهو في «شرح السنة» ٣٥٩١ بهذا الإسناد.
ـ وأخرجه أبو الشيخ في «أخلاق النبي صلىاللهعليهوسلم» (ص ٥٧) من طريق عبد الله بن محمد البغوي عن علي بن الجعد بهذا الإسناد.
ـ وأخرجه أبو يعلى ٣٠٢ من طريق هشام بن عبد الملك عن زهير بن معاوية بهذا الإسناد.
ـ وأخرجه أحمد (١ / ٨٦) وأبو الشيخ (ص ٥٧) من طريق إسرائيل عن أبي إسحاق بهذا الإسناد ، وقد صحح الشيخان رواية إسرائيل عن جده.
وله شاهد من حديث البراء «كنا والله إذا احمر البأس نتقي به ، وإن الشجاع منا الذي يحاذي به ـ يعني النبي صلىاللهعليهوسلم» أخرجه مسلم ١٧٧٦.
(٢) وقع في الأصل «حبان» والتصويب من «شرح السنة» وكتب التراجم.
__________________
(١) زيد في نسخ المطبوع.
(٢) في المطبوع وحده «تقديرهم».
(٣) زيادة من المخطوط.