فكانوا بذلك مسلمين مؤمنين بالإسلام ، أي مصدقين ، فلمّا خوطبوا باجابة رسول الله صلىاللهعليهوسلم إلى ما يحييهم حياة حقيقية محيية لإسلامهم ولأنفسهم ، وذلك إشارة إلى دعاء الرسول لهم إلى طاعة وصيه (١) والقبول عنه عند النص عليه. مصداق ذلك لقوله تعالى يوم النص : (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً) (٢). فكان من أطاعه إلى ما دعا إليه ، ودل عليه ، حيّا وناطقا ، وقائما بالفعل ، وبشرا وإنسانا بالحقيقة ، وكاملا ، وتاما ، وقادرا ، وعالما ، وعاقلا ، وأزليا ، وموجودا ، وموحدا ، وحقّا. ومن تكبر وعصى وعتا ، كان بالضد من ذلك.
والنطقاء والأوصياء والأئمة هم النهاية الثانية يستحقون بصفاء جوهرهم ، وإنارة بصائر ذواتهم ، ولطف صفاتهم ، ما تستحقّه الذوات الإبداعية ، وكل حد من ذلك العالم مقابل لحد من حدود الدين ، ولهؤلاء الحدود الثلاثة كمال أول هو ظهورهم بالقامة الألفية ، والكمال الثاني قبولهم لما اتصل بهم من المواد الإلهية ، والتأييدات القدسانية.
قال سيدنا حميد الدين ق س في صفة الأول : فهو الحق وهو الحقيقة وهو الوجود الأول والموجود الأول وهو الوحدة ، وهو الواحد ، وهو الأزل وهو الأزلي ، وهو العقل الأول ، وهو المعقول الأول ، وهو العلم ، وهو العالم الأول ، وهو القدرة ، وهو القادر الأول وهو الحياة (٣) ،
__________________
(١) يريد بذلك أن الرسول الملهم عند ما أوصى بأن يقوم مقامه بخلافة المسلمين الدينية والدنيوية وصيه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب تلميحا واشارة ورمزا في عدة مناسبات أو عدة بيعات لم يقبلوا ذلك ونكروا كل رمز يشير إلى صاحب الحق الشرعي ، بموجب النص من الله تعالى.
(٢) سورة ٥ / ٤.
(٣) وردت هذه الآراء في السور الثالث المشرع الخامس من راحة العقل الكرماني هكذا «فهو الحق والحقيقة ، وهو الوجود الأول ، وهو الموجود الأول ، وهو الوحدة ، وهو الواحد ،