النبوة ؛ وكذلك أهل الحقائق يمتازون بمعرفة المبدإ الأول الروحاني عن أهل التأويل الذين ناسبوا أهل الظاهر في تأويل ما يعتقدونه في المبدع الأول ووحدانيته ، وإدخال العجز على قدرة الله سبحانه في إقرارهم بأنّه أبدعه لا من شيء.
فما المانع الذي حجز قدرته من أن يوجد ما قد شاء إيجاده. فهذا بذلك أشبه ؛ ولا فرق بين العقول القاصرة ، والألباب الحدة (١) ، ببعدهم عن المعلم الصادق (٢) ، وقلة وقوع بصائرهم على الحقائق ، أفلم يتدبروا قول من يقول العقل القائم بالفعل ، وإن كل اسم واقع على مسمى ؛ فما هو إذا الفعل الذي قام به؟
قال سيدنا حميد الدين ق س : فكان العقل ذا نسبتين : نسبة أشرف ، ونسبة أدون. فأما النسبة الأشرف فاضافته إلى مبدعه ، وأمّا النسبة الأدون فنسبته إلى ذاته. فوجب بكون ذلك أن يوجد عنه اثنان : أحدهما قائم بالفعل عن النسبة الأشرف ، وأحدهما قائم بالقوة عن النسبة الأدون (٣).
«فبذلك وجب لما قام هذا المنبعث الثاني بالقوة» (٤) أن يكون عن المبدع الأول والمنبعث الأول عقول سبعة مجردة ، واحد عن واحد إلى المنبعث الأول ، وذلك قوله. ونقول : إن الموجود عن العقل الأول اثنان : وأن أحدهما أشرف من الآخر كشرف الوصي القائم بالفعل ،
__________________
(١) الحدة : الحاسرة ج وط.
(٢) يعني بذلك صاحب الإفادة الروحية الهادي ينبوع المعرفة الإمام أو من ينوب عنه من حدوده.
(٣) يريد بالقائم بالفعل الإمام ، وبالقائم بالقوة الكتاب ، وهذا ما ذهب إليه الفيلسوف الكرماني في كتابه راحة العقل.
(٤) سقطت الكلمات الموضوعة داخل قوسين من ج وط.