بعد قبض العهود المؤكدة ، وتغليظ المواثيق المشددة ، والامتحان بدفع النجاوى والزكاة (١) والشراوي ، والفطر ، والصدقات (٢).
وقد وثقت بك في حفظ مجموع من الحكم التي شرحتها (٣) في مصدور قبله ، وتحملت فيه الأمانة التي هي عهد الله وميثاقه الذي أخذ على الملائكة المقربين ، والأنبياء والمرسلين ، والأوصياء الطاهرين ، والأئمة المنتجبين ، والحدود التابعين ، أنّك لتصونه غاية الصيانة ، ولتراعي فيه الأمانة ، ولتتجنب (٤) الخيانة ، وتجعله لخلاص صورتك ، وإنارة بصيرتك ، والله على ما نقول وكيل.
نعود إلى ما كنّا فيه : فجميع أهل الشرائع من الأولين وفرق الآخرين ينتحلون في ذلك انتحالات (٥) ويرجمون أقوالا. فمنهم من يقول : إن الله سبحانه أبدع العقل الأول وحيدا فريدا لا ثانيا له ، وإن النفس الكلية انبعثت عنه على سبيل وجود الضوء من الضوء. ووجد عن النفس الكلية : الجد والفتح والخيال ، ثم الهيولى والصورة ، ثم الأفلاك والبروج ؛ والأملاك والطبائع ، والأمهات والمواليد المتأخرات. وهؤلاء أهل التأويل المحض ، ومن ينحو نحوهم من الفلاسفة ، وغيرهم من أهل الشرائع الظاهرة يقولون بالقلم ، واللوح ، وإسرافيل ، وميكائيل ، وجبرائيل ؛ وذلك حدهم من العلم.
__________________
(١) النجاوى والزكاة : تدفع هذه الضرائب عن طيب خاطر بين يدي الإمام أو من يمثله في قطره ، والإسماعيلية لا يزالون حتى هذا العصر يؤدون هذا الواجب.
(٢) الصدقات : الصدقة ج.
(٣) يظهر أن المؤلف أصدر عدة أبحاث باطنية قبل هذا الكتاب وقد تحمل الأتباع الأمانة في الكتمان. شرحتها : ما شرح ط.
(٤) لتتجنب : لتجنب ط وم.
(٥) انتحالات : انتحارات ج.