ينتظم كل أهل دور ناطق.
وأما ما ينتظم هذا القول من الجنة العالية ، فالمدينة هو المجمع الأعلى الذي هو العاشر ، بناها الأنبياء والأوصياء والأئمة الأبرار من أنفسهم بأنفسهم ، يعني بتوارد نفوسهم الطاهرة عند النقلة إلى أفقه ؛ فذلك هو العمارة بصعود بعد صعود. لها سبعة أبواب ، فأبوابها هم النطقاء السبعة ، كل باب منهم ينتهي إلى قصر من نور ، وذلك القصر هو الحد الذي أخذ عنه كل ناطق وسلم إليه من آخر الدور المتقدم عليه ، له ساحة عظيمة ؛ فساحته أي (١) دوره من أوله إلى آخره ، فيها عين جارية هو الوصي بعلمه التأويلي ، يشتمل على بستان محفوف ؛ البستان المحفوف «هو الإمام عليهالسلام» (٢) الذي يقوم مقام النبي والوصي وعليه قرار الأنفس بمعادها إليه ؛ والغرف التي من فوقها غرف هم حدود كل واحد منهم في دوره ، والاثنا عشر مجلسا حجج الجزائر ، يشرقها شمس الإبداع ، يعني نور الإبداع الساري هو روح القدس وقمر الانبعاث الأول ووساطته ومادته وتأييده للعاشر ولحدود الدين ، فذلك كذلك والحمد لله ربّ العالمين.
اعلم أن خلاص (٣) النفوس لا يحصل لها إلّا بالالتزام بالحدود وبطاعتهم ، وطاعة المعبود ، والولاء المحض لمن تجب له الولاية ، والبراءة من الأضداد لقوله تعالى : (لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوادُّونَ مَنْ حَادَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كانُوا آباءَهُمْ أَوْ أَبْناءَهُمْ أَوْ إِخْوانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ) (٤). فالالتزام بالحدود هو طاعة الله سبحانه وتوحيده ، وهو الكمال الثاني ، كما قال سيدنا حميد الدين قدس الله سرّه : فمنها ما يفيدها تصويرا في ذاتها ، وإلى السابق عليها في علوم ذلك وكله سعادات لها تبلغها
__________________
(١) أي : سقطت في ط.
(٢) هو الإمام عليهالسلام : سقطت في ط.
(٣) أن خلاص : فخلاص في ط.
(٤) سورة ٥٨ / ٢٢.