فلم يخرج أحد من تحت طاعتهم له ، وتسليمهم إليه ، من الجن والإنس ، والطير والهوام. وكل ما خلق وذرأ وبرأ ، فإنّه مالك الأشياء كلها منه بدأت وإليه تعود ، سبحان لاهوته المحجوب عنا ، وعن ناسوته المظهر لنا. ظهر لخلقه بخلقه ، من حيث خلقه. فقد ظهر نفس المعنى أن لاهوته المحجوب هو الإبداع الذي هو المبدع. وناسوته المظهر لنا هو تلك الصورة المجردة ، وظهوره لخلقه بخلقه يعني بالغلاف ، لأنّه (١) في حد الخلق.
قال مولانا الصادق صلوات الله عليه : ظاهرنا إمامة ، وباطننا غيب لا يدرك. وقد روي أن مولانا أمير المؤمنين صلىاللهعليهوسلم ظهر لسلمان (٢) ولأبي ذر (٣) بالنورانية. وكذلك مولانا الحسين (٤) صلىاللهعليهوسلم ، سأله سائل عن ظهر لجابر بن عبد الله (٥). وكذلك الباقر (٦) صلىاللهعليهوسلم ، سأله سائل عن ظهور موالينا الميم والعين. فأخبره وظهر له فيهم كظهورهم. وما ظهر أحد منهم بتلك الصورة الأولة إلا ويقول عند تمام فعله : لا تدعونا آلهة ، وقولوا في فضلنا ما شئتم أن تحتمل عقولكم ذلك ، إن هذا إلا بعض آيات ربك ، ما قيل في الله فهو فينا ، وما قيل فينا فهو في البلغاء من شيعتنا.
وقد وصف ذلك صاحب الأبيات في كتاب الابتداء والانتهاء (٧) واصفا
__________________
(١) لأنه : لأنها في ط.
(٢) يريد سلمان الفارسي الصحابي المعروف.
(٣) يعني أبا ذر الغفاري الصحابي المعروف.
(٤) يريد الحسين بن علي بن أبي طالب ع. م.
(٥) من أجل علماء الشيعة في عهد الإمام الحسين ع. م.
(٦) أي الإمام محمد الباقر بن علي زين العابدين ع. م.
(٧) في المكتبة الإسماعيلية عدة كتب ورسائل بهذا الاسم منها كتاب الابتداء والانتهاء للمفضل بن عمر الجعفي ، وكتاب الابتداء والانتهاء للداعي إبراهيم بن الحسين. ورسالة الابتداء والانتهاء لداعي الدعاة المؤيد في الدين الشيرازي وهي المعنية ، والتي أخذ عنها النص ، وهذه الرسالة تذكر الإبداع والعقل والنفس ، وذكر القائم وما يكون منه ويفعله.